#الثائر
بقلم المستشار الإعلامى
صموئيل نبيل أديب
فى كل عام يأتى رمضان أحدى عشر يوما مبكرا عن السنة التى قبلها ... انا من مواليد رمضان الشتاء..
في مصر كلها يدور مسحراتى "بطبلة".. إلا في بلدى ..كل يوم الساعة الواحدة بعد منتصف الليل تدور فرقة موسيقية كونها "ملجأ أيتام المسلمين" من 8 عازفين ساكس و ترومبيت و مزمار بلدي و ِرق و طبله.. تعزف في الشوارع لتنبة الناس للسحور..
و أظل أنا مستيقظا أنتظر الفرقة بالليل. .. و عندما أسمعهم من بعيد عند جامع " الست حميدة" أجري و أُحضر " فانوسى أبو عصفوره صفراء." . و أذهب ألى البلكونه و أخبط على بابها.. فتأتي أمي لتفتح لي البلكونه و ترفعني على الكرسي و تمسكني من استك البنطلون لكى لا أقع من البلكونه و انا "بَشب" و بسقف مع طبلة الفرقة …والفرقة تقف علي أول الشارع تعزف "رمضان جانا " و " اهو جه يا ولاد" … و ثم تتحرك لمنتصف الشارع و تقف تحت بيتنا و تعزف لأولاد عمارتنا "هاتو الفوانيس يا أولاد " لتخرج الفوانيس من البلكونات و هي تنير ليل الشتاء المظلم ..
رمضان الشتاء تصادف مرة مع صوم الميلاد (من ديسمبر حتى 7 يناير).. الفرقة وصلت تحت بيتنا وقالت بمناسبة صوم الميلاد سنعزف ترنيمة… 30 يوم رمضان ب 30 ترنيمة جديدة يبدأها عم" أحمد " (حسبما اذكر الاسم) بغناء اول مقطع وبقية الترنيمة موسيقى يبدع فيها عازف الساكس مع الزمار..
و الشارع يفرح عندما يعزفوا ترنيمة " رشوا الورد يا صبايا.. الست العذراء حاضرة معانا ".. الترنيمة الأشهر لجيل الستينات … و "اصفق " و انا لابس الدولاب كله من برد "النجع " القارص..
و تبتعد الفرقه بعيد آخر الشارع و الحاج " محمود حلمى" بيكلم الفرقه يعيدوا مرة أخرى "طلع الفجر علينا"
و كبرت و جابني الشغل للقاهرة .
كبرت و ضاع منى الهدوء و فقدت هنا راحة البال..
صحيت على صوت سمكرى العربيات و اتعصبت من صوت الكلاكسات .. و ميكروفونات بياع الطماطم و هو بيعلي صوته علي بتاع الروبابيكيا.. و "بيقسم" عليهم بياع الأنابيب... و اغاني ناس رأيها أن "بيكا " هو "عبد الحليم" القرن واحد وعشرين
كبرت و أصبحت كاره يومي. لا عارف أرجع و لا عارف أكمل ..
أعيش بداخل الطفل الذي يطرق باب البلكونه منتظر أن يسمع فرقة تقول تواشيح و تختمها بترنيمة.. ..
انا اريد ان ارجع طفل مرة أخري ..
انا مواليد الزمن الراقي..
انا مواليد نجع حمادي
انا...... مواليد رمضان الشتاء.