تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
للخوف عيونُ واسعة، يدخل منها الرعب، ليُدّمر ما تبقّى لدى المواطنين من مناعةٍ ذاتية. آلاف الأخبار والتسجيلات ومعظمها مزيف ومُركّب من قِبل عشّاق الشائعات، الذين يصلون الليل بالنهار، يعدّون التعليقات والأعجابات، في منشوراتهم البديعة الفذة .
كثُر الخبراء والمرشدون والمنظّرون، السياسيون والصحافيون والمحللون، وكل من يملك وسيلة تواصل، كلهم أصبحوا خبراء في الحرب الجرثومية، وعلم الطب الجيني والبيولوجي، والأستراتيجيا وعلم الغيب، ومُطّلعون على أسرار البنتاغون، وما يُخفيه رؤساء الدول. وبتنا لا نعرف مَن يعرف ومَن لا يعرف، حتى كادت تضيع الحقائق .
وليس غريباً أن يُصيب الوباء والرعب شعوباً، تُهمل العلم والعلماء والمعلمين، شعوباً فسُد حُكّامها وقضاؤها وساد فيها اللئيم على الكريم، شعوباً تاجرت بكل شيء، وامتهنت التزلّف والرياء، وقدّمت المنافقين على الصادقين، شعوباً تمجّدُ المتدين وتترك صاحب الدين .
تناسى أصحاب الشأن في بلدنا، محاربة الفساد والإصلاح المالي والإقتصادي، وصار حجْرُ المواطنين في منازلهم شُغلهم الشاغل، فمن لم يمُت من الكورونا ربما عليه أن يموت من الجوع.
في حين تلجأ الدول المتقدمة الى برامج التوعية، ومساعدة المواطنين على تجاوز أزماتهم، لا يسمع اللبنانيون سوى التهديد والوعيد، ومطالبتهم بالتبرّع الى دولة منهوبة، من قِبل طبقة الأغنياء والحكام. ولا أحد يلتفت الى فوضى الأسعار، وجشع التجار، وانفلات سعر صرف الدولار، والبطالة، وغيرها من أعباء تُثقل كاهل اللبنانيين .
لا داعي للهلع صحيح، فالخوف محبط وقاتل. لكن الناس بحاجة الى بدائل. ونعلم جميعاً، أن الهواء النظيف، والرياضة، والتعرض للشمس، والغذاء الصحي، والنظافة في المنزل والأماكن العامة، هي أمور ضرورية، وترفع مناعة الجسم ومقاومته لكل الأمراض والأوبئة، لكن الجوع قاتلٌ ايضاً .
يرى معظم الخبراء أننا في مرحلة حرب غير معلنة، ولن تبدأ الحلول قبل حزيران المقبل، وأن نظام العولمة المتوحشة قد انتهى، ونحن الآن أمام بناء عالم جديد، متعدد الأقطاب. وحتى تتظهّر خيوط اللعبة وتتكشّف، على الدول الصغيرة، توخي الحذر لتقليل الخسائر قدر الإمكان .
قريباً ستنجلي الحقائق، وسيجد العالم العلاج لفيروس كورونا المستجد (covid-19)، وستعود الحياة تدريجياً الى طبيعتها، وسيعود التلامذة الى مدارسهم، وستنتهي حالة الرعب هذه، ولم ينتهي العالم بعد كما يروّج البعض .
ما فعلته الدول من احتياطات صارمة، للحد من الوفيات أعطى نتائجه. فمع هذا التطور العلمي الذي وصلنا اليه، لم يعد مقبولاً ما كان يحصل في أزمات الطاعون وغيره، من وقوع لمئات ملايين الضحايا، وهذا لن يحصل اليوم .
لقد انتقلت معظم الدول الى مرحلة متقدمة في مكافحة الوباء، وبدأت تتكثف الجهود الدولية للتعاون، مما يعني ان البشرية ستنتصر على هذه الكارثة. وبعد فترة الستة أشهر، التي يعتمدها الطب في تجارب الدواء، ودراسة آثاره الجانبية، ستبدأ الأمور بالعودة الى نصابها .
تقع المسؤولية على كل فرد في لبنان والعالم، لمكافحة انتشار العدوى. ويجب التقيد بالإرشادات الصحية، وهذا لا جدال فيه، لكن ليت البعض يتوقف عن بث الرعب والأكاذيب، والأخبار المسمومة، والتحليلات المفبركة. ولنتمسك بالحياة، ونُبقي الأمل والفرح في بيوتنا ونفوسنا، وستمر الصعاب كما مر قبلها الكثير من الأوبئة والكوارث .