تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
تسود الشكوك والريبة، حيال الاتفاق الذي عُقد في الأجتماع الأخير، بين مدّعي عام التمييز غسان عويدات، والنائب العام المالي علي ابراهيم، ورئيس جمعية المصارف سليم صفير، ورئيسي مجلس الإدارة في فرنسبنك نديم القصار، والبنك اللبناني الفرنسي وليد روفايل. وذلك لجهة المفاعيل القانونية لهذا الأتفاق، ومخالفته لقانون النقد والتسليف .
إن مهمة القضاء هي تحقيق العدالة، عن طريق التحقيق في الجرائم المرتكبة، وإصدار الأحكام لمعاقبة المخالفين للقانون. فهل يجوز للسلطات القضائية، الحلول مكان السلطة التنفيذية او التشريعية، وإصدار توصيات مخالفة للقانون، او تعديل الأنظمة والقوانين؟ .
بصرف النظر عن النية الحسنة للقاضي عويدات، للحفاظ على مصلحة وأموال المودعين، أو حماية المصارف. يبقى السؤال: ما هي القيمة القانونية للوصايا السبع التي نتجت عن هذا الأجتماع؟ وهل يمكن للقضاء محاسبة المصارف في حال مخالفتها لهذه التوصيات؟ وكيف سيكون ذلك ممكناً، والقانون يقول «لا عقوبة دون نص»؟
رفض رياض سلامة إصدار تعليمات الكابيتال كونترول، وتشريع الأجراءات التي اتخذتها المصارف، لعلمه أنها مخالفة للقانون، وطلب إعطائه صلاحيات إستثنائية، وأعدّ قراراً بذلك وأرسله الى وزير المال السابق علي حسن خليل، الذي لم يُصدره لعلمه ايضاً أنه مخالف لقانون النقد والتسليف، وأن أي تعديل للقانون يجب أن يصدر عن المجلس النيابي، ومن المعروف أن الرئيس نبيه بري رفض إعداد وعرض هكذا مشروع قانون على المجلس، لتبرير مخالفات المصارف، فهل سيقبل بإلغاء دور المجلس، وتجاوز صلاحياته الدستورية في التشريع؟
وعدت الحكومة اللبنانيين منذ شهرين بخطة مالية متكاملة، تُنظّم فيها علاقة المصارف بالمودعين والزبائن. وفيما صدرت بعض الأحكام بحق بعض المصارف المخالفة، وصلت إيحاءات الى قضاة العجلة، بالتمهل في البت في الدعاوى المقدمة من المواطنين ضد المصارف، فتوقفوا عن ذلك.
لا يختلف إثنان أن المصارف خالفت وما زالت تخالف الاتفاقات المعقودة مع المودعين، وهم اِئْتَمَنوها على أموالهم، فوظّفتها وأنفقتها بشكل متهور، ودون ضمانات، بغية تحقيق الأرباح، ثم لم تعيدها اليهم في المواعيد المحددة في العقود الموقّعة معهم، ما يُشكّل جرم إساءة الأمانة، ومخالفة للقوانين اللبنانية المرعية الإجراء .
بعد قرار القاضي علي ابراهيم بتجميد أصول المصارف، هددت الأخيرة بإغلاق ابوابها وشل البلاد، واتّهمته بمحاولة تأميمها، وتغيير نظام لبنان الحر، وتحويله الى نظام شمولي. ونجحت مع من يقف خلفها من سياسيين وبرجوازيين، بكسر قرار النائب العام المالي، وأظهرت أنها فوق المحاسبة والقضاء .
ذهب اليوم بعض المواطنين وطلبوا من البنوك تنفيذ الأتفاق الذي تم مع القضاء، خاصة لجهة سحب الاموال او تحويل بعض الدولارات الى ابنائهم الذين يدرسون في الخارج، وكان جواب المصارف، أين هي هذه التعليمات؟ وأين الأتفاق؟
كما هو حال قرار حاكم مصرف لبنان، بتحديد سعر صرف الدولار لدى الصرافين، بحدود ألفي ليرة، لا يُطبّق ولا تتم محاسبة أحد، كذلك هو الأتفاق بين القضاء والمصارف، لا قيمة قانونية له، لأنه صادر عن سلطة غير صالحة، وهو مجرد تمني على المصارف لا يُلزمها بشيء. وفي غياب او تغييب الدولة والمحاسبة ، يستمر الفلتان والمضاربات وفوضى أسعار السلع والعملات .
إن حصانة القضاء مستمدة من ثقة الشعب بعدالة أحكامه، وأهم واجبات السلطة القضائية الحرص على تنفيذ القانون وتطبيقه الصحيح، ولا يجوز لها أن تعقد صلحاً مع المصارف بالنيابة عن المواطنين، وعلى حسابهم. وحتى من يرغب من القضاة أن يلعب دور«شيخ صلح» عليه أن يجمع طرفي النزاع ويوفق بينهما، لا أن يتفق مع الأقوى ضد الضعيف. وربما يصح أن نردد ما قاله العلامة ابو عبدالله سفيان الثوري
يا معشرَ القضاة يا مِلحَ البلد
مَنْ يُصلِحُ المِلحَ إذا الملحُ فسد؟