تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- اكرم كمال سريوي
لم يتجرأ احد من زعماء السنة المعروفين، على مغامرة القبول بالترشح لمنصب رئاسة الحكومة المقبلة. بأستثناء بعض الذين همهم الوحيد، تدوين اسمه في سجل رؤساء حكومات لبنان، بغض النظر عن النتائج، وما ستؤول اليه أمور هذه الحكومة .
تساقطت اسماء المرشحين تباعاً لعدة أسباب أهمها :
أولاً: لا يمكن تشكيل حكومة، يكون تيار المستقبل، بما يمثله في الشارع السني، خارجها. وهذ يعني ان رئيس الحكومة العتيدة، يحتاج الى موافقة الرئيس الحريري، لا بل يحتاج الى ان يكون ممثلاً له، لتأمين الغطاء السني اللازم لهذه الحكومة.
ثانياً لا يمكن تشكيل حكومة مواجهة مع المجتمع الدولي، ولبنان في امس الحاجة الى الدعم الاقتصادي، وتنفيذ الوعود التي قدمتها الدول المانحة في مؤتمر سيدر، والتي بات من الواضح جداً، انها مرتبطة بشكل الحكومة الجديدة، وسياستها العامة، خاصة اتجاه عدة أمور أساسية داخلية، وأخرى خارجية، تتعلق بقضايا المنطقة، وموقف لبنان منها .
ثالثاً إن خروج تيار المستقبل من الحكومة، بعد ما صدر من مواقف لأحزاب أساسية، أعلنت عن عدم رغبتها في المشاركة في الحكومة المقبلة، كالقوات اللبنانية، والكتائب، والاشتراكي، يعني ان التسوية الرئاسية سقطت، وان الحكومة والسلطة ستواجه معارضة شرسة في الداخل، إضافة الى الضغط الخارجي عليها، وهذا سيتسبب في فشلها، وأخذ البلد الى ما لا تُحمد عقباه .
رابعاً إن الإشارات والرسائل الخارجية، التي وصلت الى لبنان، وعبّرت عن رغبة دولية في الحفاظ على استقراره، وعدم دفع الامور الى الفوضى، مع وعود بالمساعدة، ترافقت كلها مع دعم بقاء سعد الحريري في رئاسة الحكومة. وهذا كان صريحاً في تصريح وزير الخارجية الروسية سرغي لافروف من باريس، وكذلك في تصريحات المسؤولين الفرنسيين، والاميركيين، وإن بشكل مبطّن او اقل وضوحاً .
خامساً إن الفترة المتاحة امام الحكومة المقبلة، ستكون قصيرة جداً، لاتخاذ خطوات حاسمة، وتنفيذ عدة إصلاحات، على الصعيد الاقتصادي والسياسي. وهذا يحتاج الى دعم القوى السياسية للحكومة، وتغطية قراراتها، وهي لن تكون قادرة على تنفيذ المطلوب، اذا واجهت معارضة كبيرة في الداخل .
سادساً لقد فرض الشعب الغاضب إيقاعه على تشكيل الحكومة، بحيث سقطت بعض الأسماء المرشحة في الشارع ، قبل الإستشارات. وكذلك اصبح من غير الوارد، المغامرة في إثارة هذا الشارع مجدداً، بترشيح شخصية لا تحضى بدعم شعبي، او بتوزير بعض الوزراء السابقين، الذين رفضهم المتظاهرون، واصبحوا يشكلون تحدٍ في مواجهتهم. ويبدو أن المخرج الأفضل لذلك، هو اعتماد مبدأ فصل النيابة عن الوزارة، تطبيقاً لمبدأ فصل السلطات، وتسهيلاً للتشكيل وعدم الإحراج .
سابعاً المواقف التي صدرت مؤخراً من بعض القوى السياسية، خاصة موقف حزب الله ، الذي أعلنه الوزير محمود قماطي، حيث عبر عن التمسك بترشيح الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة المقبلة، معطوفاً على موقف رئيس المجلس النيابي، ومواقف العديد من القيادات السنية، إضافة الى ما يتمتع به تيار المستقبل من تمثيل داخل الطائفة السنية، فإن كل ذلك يُعطي شرعية وأرجحية للرئيس الحريري، وينزع الغطاء عن اية شخصية سنية أُخرى .
وفي المحصلة، فإن الجميع يعلم أن اية حكومة برئاسة شخصية ضعيفة غير الرئيس سعد الحريري ، ستسقط بعد اقل من ستة اشهر، ولن تتمكن من كسب ثقة الشعب اللبناني، الذي بات يعاني مشاكل عديدة، تُنذر بانهيار اقتصادي شامل. كما لن تتمكن من كسب ثقة المجتمع الدولي، وليس سراً انه لا يوجد شخصية سنية، تملك ما يملكه الرئيس الحريري من ثقل دولي، وعلاقات يمكن توظيفها في مصلحة لبنان .
وبالرغم من كل التجاذبات التي حصلت، وما زالت تحصل بين الأطراف كافة، يبدو انه تبلورت قناعة، لدى الغالبية التي تريد إنقاذ الوضع اللبناني، وإخراج الامور من عنق الزجاجة، انه لا بد من تقديم تنازلات، خاصة فيما يتعلق بأسماء الوزراء والحقائب، كي يصار الى الاتفاق في الأيام المقبلة، على حكومة تكنوسياسية، برئاسة سعد الحريري، تتمثل فيها الأحزاب، بأسماء جديدة، من اصحاب الأختصاص والكفاءات، لتنال ثقة المجلس النيابي بسرعة، وتبدأ مهامها الصعبة، قبل انتهاء العام لحالي، او مع بداية العام الجديد على ابعد تقدير .