تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- اكرم كمال سريوي
انفجر الغضب الشعبي، في وجه سلطة فشلت في تحقيق اي إنجاز، سوى فرض الضرائب وإفقار المواطنين. وزاد الطين بلة، انه تمت مكافأت بعض التجار والسماسرة، الذين وقفوا بشراسة في مواجهة الإصلاحات، والضرائب التي كان يمكن ان تطال الأغنياء واصحاب المصارف، فأوكلت اليهم مهام ووزارات أساسية في الحكومة العتيدة .
خرج المتظاهرون بشكل عفوي، وللمرة الاولى شكلوا حالة وطنية عابرة للطوائف والمناطق، ونجحوا في تجنب الانزلاق الى العنف والتخريب والاصطدام بالقوى الأمنية، رغم وجود بعض المندسين الذين حاولوا فعل ذلك .
تواجه التظاهرات مشكلة عدم وجود قيادة قوية، قادرة على قيادتها وتحقيق مطالبها. ورغم الحسنة الكبرى، بعدم تبعية الحراك الشعبي لأي حزب او قوة سياسية او طائفة، إِلَّا ان عدم التنظيم وضعف او عدم وجود قيادة له، يجعله غير قادرة على تحقيق الكثير من الآمال، وسيكون عرضة للتفكك والخرق، مع محاولة ولجؤ بعض الأطراف الحزبية، الى حرف مسار الحراك وتسيسه او تطييفه ومذهبته، وبث الشائعات لخلق شرخ يؤدي الى التفرقة والانقسام، ثم الشغب والعنف، وربما الاقتتال .
لم يعد المتظاهرون قادرون، او راغبون بالعودة من الشارع، دون تحقيق إنجاز هام لاصلاح النظام، كما اصبحوا غير قادرين على القبول بعودة الامور الى ما كانت عليه من تحكّم بعض الوزراء الصقور بمسار الحكومة وقراراتها، خاصة ان التحدي بلغ ذروته، بإعلان هذا البعض عن استهتاره بهذا الحراك، وتهديده بالويل والثبور وعظائم الامور، والجرف والحرق وما الى ذلك .
ولم يعد بوسع رئيس الحكومة، ارضاء الشعب ببضعة بنود في ورقة اصلاحية، ومعظم هذه البنود حُكي عنها منذ زمن، ولم يُنفذ منها شيء. كما لم يعد بوسع الفرقاء في الحكومة، والذين يجاهرون ان القرارات تؤخذ بدونهم، وانه لا تأثير لهم عليها، كوزراء الحزب التقدمي، والقوات، ويشتكون من تسلط رئيس التيار الوطني الحر وهيمنته على مجلس الوزراء، لم يعد بوسعهم الاستمرار في الحكومة والتسوية بذات الطريقة وذات النهج الذي كان سائداً .
ومن الواضح ان الخيار اصبح صعباً، فالاستقالة تعني الذهاب الى الفراغ، وربما الانهيار المالي والاقتصادي، وسقوط الهيكل على الجميع. والبقاء في الحكومة والقبول بما كان سارياً،يعني نكوثهم بوعودهم وسقوطهم امام جمهورهم وامام كل الشعب .
ان الخيار الأفضل وربما الوحيد المتاح، هو الإبقاء على الحكومة، مع اجراء بعض التعديل في الشكل والمضمون، فلا يجوز ان لا يتحمل الوزراء الذين سببوا هذه الأزمة مسؤولياتهم، وبالتالي عليهم تقديم استقالتهم او اقالتهم، خاصة وزير الاتصالات .
كما يجب اعتماد مشاركة حقيقية في قرارات مجلس الوزراء، تستند الى آلية واضحة، بعيداً عن المحاصصة والصفقات المشبوهة .
يجب ان تتخذ الحكومة قرارات اصلاحية جريئة وبسرعة، تُطمئن بها الشارع، الى جديتها في الاصلاح، بعيداً عن سياسة فرض الضرائب على الشعب ولقمة عيشه. كما يجب ان يُقلع بعض المسؤولين، عن خطاب التهديد والترهيب، فهذا أسوأ ما يمكن ان يلجأ اليه حاكم مع شعبه، فكيف اذا كان هذا الشعب هو الشعب اللبناني، الذي يعشق الحرية والكرامة، وهزم كل غازيٍ ومعتدٍ، ودحر عن ارضه الاحتلال الاسرائيلي، وسجله حافل بالبطولة والتضحية. فلا يا سادة هذا شعبٌ لا يُمكن إخافته وإذلاله، بل يجب تقديره واحترامه، وفقط هكذا يمكنكم نيل ثقته وولائه، وإلا تكون قد جنت على نفسها براقشُ .