تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– محرر الشؤون العربية والدولية
بدا قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب القوات الأميركية من شمال سوريا أقرب ما يكون إلى ضوء أخضر لتصفية الأكراد، والأداة تركية، وهي دائما متوثبة لإبادة الأكراد وتقليص مساحة تواجدهم من سوريا إلى العراق، صحيح أن الأمور لا تشبه الصلف التركي قبيل انهيار الإمبراطورية العثمانية وارتكاب مجزرة بحق الأرمن، لكن في الجوهر كل عناصر المجزرة اكتملت، وإن تحت مسميات عدة من بينها إقامة منطقة عازلة، لكن ذلك لا يلغي حقيقة إطلاق يد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في شمال شرق سوريا، وهو أقرب بتوجهاته السياسية إلى إرث الخلافة ويعيش أوهام الدولة الطورانية.
أما القرار الصادر من البيت الأبيض بإفساح الطريق أمام أردوغان الذي يعتزم شن هجوم في شمال شرق سوريا لإقامة منطقة عازلة على مدى يقارب خمسمئة كيلومتر وبعمق يتجاوز ثلاثين كيلومترا، فيستهدف حكما مقاتلي قوات سوريا الديموقراطية المعروفة بـ "قسد" وهي تتكون بشكل أساس من الأكراد، وقد ارتبط حضورها ودورها بهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
لم يقتضِ الأمر أكثر من مكالمة هاتفية بين الرئيس الأميركي ونظيره التركي، علما أن ترامب لم ينصت لنصائح قادة البنتاغون، خصوصا وأنهم تهيبوا مثل هذا القرار وأصروا على ضرورة بقاء القوات الأميركية، ولم يقم ترامب اعتبارا أيضا لتحذيرات السياسيين من الجمهوريين والديموقراطيين من احتمال ارتكاب أردوغان لمذبحة في حق الأكراد، مع ما سيكون لمثل هذا الأمر من تداعيات سلبية على الولايات المتحدة نفسها وتشويه صورتها أما حلفائها في العالم، ولا توصيف لما هو متوقع بأكثر من أن ترامب أوكل لأردوغان ذبح الأكراد.
تكبدت "قسد" في مواجهة "داعش" نحو أحد عشر ألف مقاتل، وهي لن تتردد في مواجهة القوات التركية، غير أن موازين القوى ليست في صالحها، وهنا مكمن الخوف الذي عبرت عنه دول أوروبية، فضلا عن أن ثمة مخاوف حقيقية من أن معركة من هذا النوع، يمكن أن تعيد إحياء تنظيم "داعش" الذي يحتفظ بخلايا نائمة ويوجد 12000 معتقل من مقاتليه في أيدي الأكراد، بالإضافة إلى 70000 شخص من عائلات المقاتلين الإسلاميين في معسكرات اعتقال يديرها الأكراد.
حتى الأمس القريب كانت تركيا الممر شبه الرسمي لمقاتلي "داعش" إلى سوريا والعراق، كما أنها كانت المستورد للنفط الذي استخرجه "داعش" من الأراضي العراقية التي كانت تحت سيطرته، ويردد البعض أن الرئيس التركي سيستخدم مقاتلي التنظيم والتنظيمات الإسلامية السورية المتعطشين للانتقام، في هجومه على الأكراد!