تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
من بيروت إلى الجنوب ومن البقاع إلى الشمال تظاهر المئات، عبروا عن غضب يعتمر في النفوس، المئات بينهم محامون ومهندسون ونخب من الإنتليجنسيا اللبنانية، لكن ثمة من في السلطة لم يرَ إلا بعض من التحقوا التظاهرات وهم لا يعلمون سبب التحرك، وهؤلاء قلة، لكن بعض وسائل الإعلام بالقصد أو بالعمد آثر أن يسلط الضوء على هؤلاء، في محاولة مكشوفة لإفراغ التحرك من محتواه، وتصوير الأمر وكأنه ليس بأكثر من "حفلة مجون" و"زعران" استباحوا الطرقات ووجب تأديبهم، وهكذا كان والسلطة لم تقصر.
لكن الفضيحة "بجلاجل" تظل متمثلة باستنكاف جماهير الطوائف عن المشاركة، إلا بعض من عضهم الجوع فتجرأوا وقالوا ما لا يرضي سلاطينها، علما أن الدرس الأبلغ في تظاهرات الأمس، على عيبوها التنظيمية، جاء واضحا بأنه لم تعد ثمة خطوط حمراء، خلافا لما تم التنظير له من قبل جهابذة الطوائف ومن لف لفهم، وكأن لسان حالهم، على الناس أن تجوع وتعرى وتموت ولا تنبس ببنت شفة، في نظرية عصماء تستحق "نوبل" للإقتصاد المبني على قواعد الفساد، فيما ثمة جهبذ صغير تطرق لما هو أبعد متبنيا نظرية المؤامرة، وأن ثمة يدا خارجية تريد زعزعة الأمن الاقتصادي وضرب رفاه اللبنانيين وتهديد عيشهم ومعيشتهم من البنزين إلى الطحين.
بالأمس تحرك فقراء لبنان بلا مظلة سياسية، عراة إلا من كراماتهم، وتحرك أيضا بعض ممن كانوا يوما من الميسورين قبل أن يصابوا بضيق ذات اليد، بينهم عاطلون عن العمل فقدوا أعمالهم وتم صرفهم من مؤسسات أقفلت، أو جرى استبدالهم بعمالة أرخص دعما لمسيرة الاقتصاد الوطني، فيما لا يزال كثيرون يتهافتون على نهب الثروات الوطنية وتقاسمها، أما أولي الأمر فغضوا الطرف، في وقت نقلت الوكالات الأجنبية صورا للمأساة ووثقت بعض وقائع الشارع، خصوصا مع إصابة متظاهرين وضابط وعناصر آخرين، فيما المراقبون الدبلوماسيون والاعلاميون الأجانب، وصفوا ما جرى من قطع طرقات وإشعال اطارات بأنه "قمة جبل الجليد" رفضاً للقهر والكبت والقلق، والتوصيف لوكالة "رويترز" الأميركية.
هو درس أول للسلطة واختبار أول للناس، خصوصا وأن ما شهده لبنان بالأمس كان نتيجة ظروف ما عاشها الناس من قبل، حتى في ظل ظروف الحرب وأسوأ مراحلها، فهل تتلقف السلطة ما حصل تداركا لصرخة الناس وقد عبروا عن وجعهم مطلقين على تحركهم "ثورة الرغيف"، لكن بعيدا من تبني نظريات من قبيل أن ثمة متطفلين ومشاغبين ومندسين وطابور خامس؟ لننتظر ونرَ!