تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– أنور عقل ضو
قيل قديما "قاضي الولاد شنق حالو"، في إشارة لـمَّاحة للتأكيد كم هي صعبة التربية وتنشئة الأجيال الطالعة والنازلة أيضا، وبعض أجدادنا من أرومة كنعانية وفينيقية وخلافه شبهوا تربية الأولاد بقضم الحجارة، ومن أسلافنا الصالحين وغير الصالحين أيضا من ذكر أنه لا ينمو جسد حتى يفنى جسد، في إشارة أيضا إلى معادلة الحياة وتطورها من جيل لجيل، وفي الدراسات الحديثة ثمة نظريات كثيرة حول مفهوم التربية، فقد أشار خبير أوروبي في علم النفس (تاه اسمه عن البال) إلى أنه أسس ست طرق لتربية الأطفال وجرى اعتمادها في المناهج التربوية في أرقى مدارس العالم، لكنه بعد أن تزوج تراجع عن مقولته العلمية، إذ قال بعد نحو عشر سنوات زواج: "الآن لدي ستة أولاد وليس لدي نظرية واحدة لتربيتهم"، ما يؤكد أنه في مجال التربية ثمة بون شاسع بين النظرية والممارسة.
لا يقتصر موضوع التربية على تعليم النشء الصاعد القيم والمثل وحسن التصرف فحسب، وإنما يطاولنا مدى الحياة، من المهد إلى اللحد، ذلك أن التربية فعل تراكمي لا يقتصر على الفترة التي يحضِّرنا فيها الأهل لنكون مهيئين للاندماج في بيئتنا المجتمعية، وهذا يعني أننا نظل في مراحل تعليمية دائمة طالما أننا اجتماعيون بالفطرة الأولى، ولتوضيح هذا الأمر تكفي الإشارة إلى أننا إذا عدنا إلى ثقافة السبعينيات من القرن الماضي وتصرفنا الآن بمعايير تلك المرحلة، ربما يظن البعض أننا بدائيون أو ننتمي إلى جيل غير متحضر، فلكل زمن مصطلحاته وقيمه وعاداته وتقاليده.
وبالاستناد إلى كل ذلك، يمكن القول اننا كلبنانيين أصيلين تنقصنا التربية، ولا نتحدث هنا عن "فك الحرف" وتعلم بديهيات مجتمعية كالاحترام وتوقير المسن وخلاف ذلك، وإنما نقصد ما هو أبعد بكثير، فنحن بحاجة إلى الكثير من التربية ولا نريد أن يتفاجأ أحد من هذه الحقيقة الصادمة، وهنا نقدم أسبابا موجبة، ونطرحها على شكل أسئلة:
ألسنا بحاجة لنتعلم التربية على أصول التخاطب؟ أو التربية على السلام؟ وأيضا التربية على حب الطبيعة وعدم رمي النفايات من نوافذ السيارات؟ وووو...؟ ومن ثم هناك التربية الذاتية على الأخلاق وبناء الذات والقدرات؟ وما إلى ذلك من أمور نجد معها أن مفهوم التربية أبعد من حصره بفئة عمرية، ونجد أيضا أننا بعيدون عن قيم التربية بمفهومها الشامل والأعم.
هذا بوجه عام، أما إذا أخذنا عينات من مواقف وتصريحات المسؤولين طوال الأسبوع الماضي، وتعليقات اللبنانيين عليها عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، فسنتأكد بالملموس وبقرائن وبينات أننا شعب بلا تربية ولا تهذيب!