تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– أنور عقل ضو
رائحة النفايات تغطي سماء بيروت والناس محكومون بـ "مزاجية" الرياح، وهم يصبون جام غضبهم على "الهوا شو قليل الذوق"، والمسؤولون يتذمرون، يغردون، ويفكرون في جنون، الشركة المسؤولة من تكون؟! (بالإذن من العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ).
حيال هذا الأمر الجلل لا بد من استحداث نشرة "طقس نفاياتية" ترشد المواطنين إلى اتجاه الرياح، وعندها إذا كانت الريح مؤاتية لغير صالح الأشرفية، يمكن عندها وبراحة ضمير أن يتوجه سكان الأشرفية إلى فردان أو رأس بيروت وأيضا إلى شارع عبد الوهاب الإنكليزي، والعكس صحيح، وهذا ما يعزز الوحدة الوطنية والانصهار الحقيقي بين سائر المكونات اللبنانية، فلا تعود ثمة حواجز مناطقية أو طائفية، وتتكرس الوحدة رغم أنف من لا يريد للبنانيين أن يتحدوا ويتوحدوا، لا سيما وأن هناك مؤامرة دولية في هذا المجال.
ولا بد من الإشارة كذلك إلى أنه مع ارتفاع درجات الحرارة ثمة توقعات بأن نشهد مع بداية الصيف أي بعد أيام قليلة غزوات برغش وصراصير وعناكب و"إم أربعة وأربعين" وأصنافا غير محددة من الدبابير، ويقال إن أنواعا من الحشرات لا عهد لنا بها من قبل حلت في ضيافتنا مكرمة ومعززة، مستفيدة من العروض السياحية للقيمين على قطاع النفايات والمخلفات وأكوام الزبالة، من أول مكب حتى آخر مكب وصولا إلى مزابل ستبصر النور قريبا وستتربى بدلال المسؤولين وفي عزهم، قبل أن تحل علينا "نعمة" المحارق.
وفي موضوع نشرة "الطقس النفاياتية" يمكن الاستعاضة عن استخدام وحدة القياس المئوية أو "فهرنهايت" بوحدة قياس جديدة على ميزان الرائحة، على سبيل المثال خمس درجات على مقياس (ن. ر)، أي نفايات – رائحة، تعزيزا للشفافية، وأيضا في سياق مكافحة الفساد وتفعيل الرقابة الإداراتية الـ Transparent، ويستحسن فرض ضريبة على المواطن لقاء هذا "الباكيج" package من رزمة وحزمة الخدمات والعروض الجديدة، ذلك أن على المواطن أن يتحمل - ولو بنذر يسر - بعضا من مسؤولياته التاريخية حماية لمكتسباته الوطنية والاجتماعية والصحية.
وفي ظل هذه الأجواء الضاغطة بروائحها على بيروت، حققت النفايات ما لم يحققه "اتفاق الطائف"، فبيروت بجناحيها الغربي والشرقي وبجناحها الجنوبي توحدت بالرائحة "يدوم عزها"، ومن هنا يفضل إصدار تعميم على البلديات والمجالس الإختيارية وكل "بوليس" بلدية وحاجب وناطور يقضي بملاحقة كل مواطن يرمي كيس الزبالة في مستوعب على قاعدة أن يستوعب الجميع أن المطلوب الآن رمي النفايات في البحر أبعد من الجديدة وبرج حمود والمدعو "كوستابرافا" عظيم الشأن، على أن تخصص مكافآت مالية وعينية لكل من يرمي المخلفات من السيارة.
تحيا النفايات الصلبة والسائلة والـ "بين بين"، تعيش الرائحة، يعيش لبنان حرا بمكباته سيدا مستقلا غير مسبخ وغير مفروز طائفيا ولا نفاياتيا، خصوصا وأن ما لم يحققه "اتفاق الطائف" صنعته معجزة النفايات!