تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
بدا جليا أن صرخة الأساتذة والموظفين في القطاع العام فرملت احتمال المسِّ بالرواتب وفق ما سوَّق له بعض الوزراء، على الأقل حتى الآن، وبالتأكيد وصلت عبارات اللافتات والهتافات خلال الاعتصام الذي نُفذ أمس، وأكد فيه المعتصمون رفض اقتطاع أو اجتزاء الرواتب أو منح التعليم والتعويضات وسائر الحقوق المكتسبة، وبعضها تضمن تحذيرا من انتفاضة شعبية في حال تأكد توجه الحكومة للمس بسلسلة الرتب والرواتب أو بالمعاشات التقاعدية، ويمكن القول أنّ الاعتصام أفضى إلى إرباك كنا تحدثنا عنه قبل يومين.
يُسجل للعسكريين المتعاقدين أنهم سبقوا المدنيين، وأوصلوا الصوت مدويا لمَنْ يعنيهم الأمر، بأن اللعب بالرواتب والتقديمات، هو تماما كمن يلعب بالنار، أما الحكومة فمربكة بما جنته هي وما جنته سابقتها وقبلها سائر حكومات ما بعد الطائف، والدولة في ورطة ومتورطة، وستتورط أكثر في مَا لو امتدت اليد من باب التقشف على حقوق الفقراء، وكل موظفي القطاع العام هم فقراء بفعل تراكم السياسات الفاسدة، وما رافقها من هدر وتلزيمات ومشاريع ودرسات لزوم التنفيعات، وجميعها غير بعيد عن شبهة الفساد، في مَا يعتبره السياسيون، أو بعضهم، "شطارة"!
أكثر من ثلثي اللبنانيين لامسوا خط الفقر وما دون، وحدهم من هم في السلطة تضاعفت ثرواتهم، وممنوع علينا أن نتذمر، بينما هم لا يراعون مشاعر ومعاناة من اكتووا بنار الغلاء وغياب الحد الأدنى لعيش لائق كريم، ويحدثونك عن الفساد، فأي مهزلة هذه؟ لا بل أي وقاحة؟
لم يبادر مسؤول واحد للتضحية براتبه ومخصصاته لخزينة الدولة، ويريدون اقتطاع نسب مئوية من رواتب القطاع العام كي لا تغرق السفينة، وهم لا يدركون إلى اللحظة بأن سفينة البلاد غرقت أساسا ومنذ زمن، غرقت يوم أحجمت السلطة عن رفع الحد الأدنى للأجور، أعيدوا المال المنهوب بالفساد قبل أن تفكروا بمصادرة بعض حقوق الطبقات التي تحملت وحدها وزر سياساتكم، أعيدوا للدولة هيبتها قبل الانقضاض على مال الفقراء والأيتام والشهداء من عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي.
أما "تطميناتكم" لجهة أن موضوع التخفيضات يتطلب دراسة، وأنه من غير المقبول أن تكون متسرعة عشوائية، وإنما قائمة على أسس علمية وأرقام واضحة ومدروسة، فهذا ليس بأكثر من ذر الرماد في العيون، وتعمية يراد منها التخدير لإجراء المقتضى الجراحي.
الجمر ما زال تحت الرماد، بدت بالأمس بعض ألسنة اللهب، والنار قادمة ومصير من يلعب بها معروف، ولبنان على شفا "حرب اجتماعية" بين من يملكون كل شيء ومن لا يملكون أي شيء، طال الزمن أم قصُر، ومن يعش يرَ!