تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– أنور عقل ضو
لا تزال زيارة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو لبيروت تتفاعل بما خلفت وأثارت من غبار في أكثر من اتجاه، لكن في المحصلة، وبعد أن هدأت قليلا المواقف صار بالإمكان الرؤية من زاوية أوسع، لنتأكد أن صخب الزيارة مرده إلى فقدان أميركا هالة حضورها الدولي كقوة عظمى ظلت لعقود طويلة، وتحديدا منذ منتصف القرن الماضي، اللاعب الأكبر والأهم على ساحة الصراع في الشرق الأوسط وفي كل بقعة من بقاع العالم، فإذا بها اليوم تعوض إخفاقاتها وتراجع دورها بالتوقيع على وثيقة لا قيمة لها، و "تمنح" عبرها ما لا تملكه لغيرها، وما لا ولن يملكه هذا الغير أيضا، أي الجولان العربي السوري المحتل!
تعيش الولايات المتحدة إرهاصات اللحظة وهي الآن تصحو من صدمة أنها لم تعد اللاعب الدولي الأوحد في العالم، وما ترسخ لدى قادتها ومنظري سياساتها منذ أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، وفي أعقاب انهيار الاتحاد السوفياتي، من أنها "شرطي العالم" تحول اليوم أوهاما، وما تلمسناه من تحريض أميركي على "حزب الله" من بيروت يؤكد أن ثمة حاجة لقراءة أعمق وأوسع لأميركا الموقع والدور، لأن استشعار الولايات المتحدة الخوف من تقلص نفوذها يستدعي الحذر والتنبه إلى مغامرات غير محسوبة.
لا نقول إن الولايات المتحدة ما عادت قوة عظمى مؤثرة وفاعلة وتملك كل عناصر القوة في حاضرة الصراع الدولي، ومثل هذا الأمر يجانب الواقع ويجافي الحقيقة، وكي لا يُفهمَ القصد والمرام، نؤكد أنه لم تعد ثمة أحادية عالمية في عالم يتغير، على الأقل، لناحية أن "القوة النووية" وحدها لا ترجح ميزان الصراع لهذه الدولة أو تلك، و"التهويل" الأميركي من لبنان يحمل دلالات تعكس إرباكا عبرت عنه السفارة الأميركية لجهة أن الولايات المتحدة تعارض بشدة أي تعاون عسكري بين لبنان وروسيا، ملمحة إلى أن واشنطن لن تتهاون مع اي تجاوز للاتفاقات القائمة بين واشنطن والجانب اللبناني في هذا الملف، ولفتت الى ان ادارة الرئيس دونالد ترامب لن تتهاون في هذا السياق.
وفي سياق "التهويل" أيضا، على المسؤولين اللبنانيين، ذكرت السفيرة الاميركية اليزابيت ريتشارد المعنيين بأن بلادها تتجه لفرض عقوبات على تركيا بسبب قرارها شراء انظمة صواريخ "اس400" الروسية، وألمحت الى ان لبنان لن يكون قادرا على تحمل اي اهتزاز للعلاقة بين الجيشين الاميركي واللبناني، ودعت الى عدم "المخاطرة" بضرب هذا التعاون الذي اعتبرت انه "بناء" ولا مصلحة للجانب اللبناني بتعريضه لخطر المراجعة من قبل "البنتاغون".