تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- *خضر نجدي
تطالعك يوميا مشاهدات تذكرك ببراعة اللبنانيين في (تطعيج المفاهيم) وحرفها عن سياقاتها التي وجدت لخدمة سيرورة الحياة، وتدل الى تفاعل المجتمعات مع التجارب التي قدمت نموذجا بعد تخطيها آلية اﻷطر اﻹجتماعية اﻷولية التي كانت حاجة في فترة زمنية، لم تعد أوليات الحياة المعيشية ترتكز اليها، لتحل مكانها اﻷطر اﻹجتماعية الثانوية التي نشأت عقب تحرر الفرد من التبعية الى المهنة أو الحرفة الواحدة، وجعلته امام خيارات متعددة يتدخل عقله وإرادته في اﻹختيار للمهنة التي يريد، وهكذا يتجمع عدد من الجماعات من فئات واثنيان وطوائف واديان متنوعة، لم تعد هي من تحدد مصلحة المنتمين الى هذه المهنة بل اطر مباشرة (النقابات ووو) وغير مباشرة اﻷحزاب والمؤسسات العامة والخاصة، حيث اذا ما واجهت احد اﻷفراد مشكلة في مهنته أو حياته، فإن هذه اﻷطر وحدها من يسهم في حلها تعارضا فيما لو تجمعت معظم العشيرة أو الطائفة أو الدين حيث حضور التخصص يمنعها عن اﻹلمام بتفاصيل كثيرة ﻻ تخدم الفرد، وهذا اﻹنتماء يتخطى بزمن كبير اﻹنتماء اﻷولي الى الطائفة أو العائلة أو العشيرة أو اي انتماء يولد الفرد فيها دون ارادة وهذا واقع ليس المطلوب الغاءه بل تخطيه الى اﻷطر اﻹرادية انسجاما مع التعدد والتخصص المشار اليه.
ومن غير المبرر تركيب آليات اشتغال اﻷطر الثانوية (الحزب، المؤسسة... إلخ) المتمثلة باﻹنتخاب الحر بعيدا عن الوعي اﻷولي المفروض على الفرد فرضا حتى قبل تشكل وعيه لمتطلبات الحياة المعاصرة المتعددة المتنوعة، على آليات اشتغال اﻷطر السالبة للإرادة واﻹختيار الفردي الحر (العائلة - الطائفة العشيرة). اي ان الحرية في الخيار هي وليدة اطر تتفاعل فيها اﻹختيارات، كونها متاحة لجميع الكفاءات وليس لنوع ولون طائفي واحد، على عكس اﻷطر الطائفية التي ﻻ تسمح للفرد الدخول اليها أو الخروج منها، وﻻ تسمح لكفاءات من خارجها الدخول اليها، ما يفقد جوهر مفهوم اﻹختيار امام التعدد والتنوع.
والمستغرب المستهجن اصرار جماعات هذا القرن الذي تنوعت أكثر وكثر مهنه ومؤسساته العامة والخاصة على انتهاهج سلوك ﻻ يوصف اﻻ باﻹنفصام العقلي عندما يقومون بممارسات يكرسون في احداها حرية اﻹختيار ولو في حدود مرسومة وفق بدع ديمقراطية ﻻ يستقيم معها مضمون المفهوم، ويضعون في السلوك الثاني نتائج اﻻول رهينة اﻹطار الذي ﻻ يقوى الفرد على التأثير فيه، وهو الوعاء الطائفي، وأكثر من ذلك فهم يكبلون مهام الذي تم اختياره على اﻹسس المدنية، من قبل اشخاص فشلوا في تقدمهم وفق تلك اﻵلية والذين نجحوا في انتخابات الثانية. هذا ما يحصل في انتخابات الرابطة المارونية ويحصل في روابط واطر الطوائف وروابط العائلات اللبنانية.
*إن "الثائر" على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية والأفكارة في النص أعلاه تعبر عن رأي صاحبها.