تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
للوقوف على حقيقة الواقع السياسي الداخلي المأزوم، تكفي جولة صباحية وأخرى مسائية على وسائل إعلام الطوائف، لندرك ما ألَـمَّ بلبنان من عوارض أمراض آنية، وسط مخاوف مستمرة من ألا يتحول مرض ما إلى ألم عابر إلى مرض مستعصٍ، وفي هذه الحالة قد نضطر إلى الاستعانة بأخصائيين وعقد "كونسلتو" Consult إقليمي، وربما دولي، خصوصا إذا كان المرض متداخلا مع أمراض أخرى.
لا نقول هذا الكلام من باب السخرية في لحظة سياسية لا تحتمل غير الجد والجدية والإنصات لصوت العقل، لأنه يكفي ما لحق بلبنان من كوارث من باب عدم التوافق، وكأننا في بلد يحمل هموما نووية في سباق تسلح دولي محموم، أو أن اقتصادنا يحرك بورصات العالم ويهدد الاستقرار النقدي في "وول ستيت"، فأي "تخريف" ألا يجتمع اللبنانيون على كلمة سواء، والأنكى أن الأهداف واحدة، والمشكلة في التكتيك لا في الاستراتيجيا، فلماذا لا "يتكتك" المسؤولون بالشكل الصحيح؟
ما يدعو للأسف فعلا أننا بدأنا نعيش بعض تداعيات مؤتمر بروكسيل حول النازحين السوريين ، وبروز معالم خلاف جدّي حيال العلاقة مع سوريا، فالمعارضون لوزير الخارجية جبران باسيل، ينتقدون "التيار الوطني الحر" حول ما يعتبرونه حرق مراحل على خلفية عودة النازحين السوريين، فيما منتقدو رئيس الحكومة لديهم وجهة نظر مختلفة تقول بأن المطلوب دوليا إبقاء النازحين السوريين في لبنان، وبين الموقفين ينتظر اللبنانيون أن "يأكلوا العنب" وآخر ما يعنيهم أمر "الناطور"، والأنكى من ذلك أن إعلام الفريقين يمجد ما قام به هذا الفريق أو ذاك، حضورا لمؤتمر بروكسل بنسخته الثالثة أم مقاطعة لأعماله.
المشكلة تتمثل دائما في أن ليس ثمة "فاخوري" واحد، و"الجرة" تصدعت والخوف أن تنكسر وتتناثر أجزاؤها قطعا لا يعود بالإمكان جمعها، وهنا نسأل، لماذا لم يوفق المسؤولون في تبني وجهة نظر واحدة؟ وهل المطلوب أن تسقط الحكومة في أول استحقاق جدي؟
من حقنا أن نسأل، لأن مقاربة الملفات الكبيرة بانقسام أظهر هشاشة واقعنا اللبناني بين من حضر إلى بروكسل ومن غاب عنها، رئيس حكومة يغرد وحيدا، ووزير خارجيته كذلك، ومرحبا "ثقة" بلبنان، وما يثير المخاوف فعلا أن تكون العلاقة مع سوريا "لغما" ليس ثمة يعلم متى وكيف سينفجر، ونحن الآن أمام ملف نازحين ولغم سوري، لعن الله من وضعه ومن أيقظ في السياسيين الضغائن!