تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
إذا كنا نتطلع إلى يوم نصل فيه إلى صفر تلوث في موضوع النفايات وعلى مستوى الأنهر و المياه الجوفية والسطحية، وشاطئا وجبلا وسهلا، فمثل هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق إلا إذا وصلنا إلى مرحلة متقدمة بين الدول، من حيث تعزيز صلاحيات القضاء وتكريس الشفافية واعتماد المساءلة، وهنا على الدولة أن تضع نصب "عينيها" هدفا استراتيجيا يفضي تحقيقه إلى "صفر فساد"، وغير ذلك سنظل نسجل مستويات عالية من التلوث، إن على مستوى موارد الطبيعة ومصادر غذائنا بحرا وبرا، وإن على مستوى الهواء الذي نتنشق، وأيضا على مستوى التلوث الناجم عن ارتكابات وفضائح، ومثل هذا التلوث هو الأصعب، ومواجهته تقتضي تطهير النفوس أولا، وغير ذلك، لا نرى أن أي معركة تتقصد مواجهة الفساد بعيدا من جذوره المفترض أن تستأصل اليوم قبل الغد، يمكن أن تحقق المعجزة.
لا يهم اللبنانيين ما يحمل مبعوثو الدول من أفكار ومقترحات، ولا يعنيهم البدء بتصدير الغاز، ولا الاتفاقيات وغيرها، لأنهم يعلمون بالتجربة وبما اكتووا من دروس سابقة أن أحوالهم ستظل تشهد تدهورا وتراجعا طالما أن الفساد ظل حرا طليقا، ويسجل أهدافا في مرمى الدولة ولا من يردعه أو هو بقادر على الإمساك به وتكبيله وسوق بالأصفاد إلى سجن رومية الذائع الصيت، شرط توفير المراقبة الحثيثة كل لا تُــهرَّب له داخل سجنه هواتف ذكية وتقنيات حديثة، وإلا مارس دوره من خلف القضبان، وكأن شيئا لم يتغير.
لم نكن نتوقع يوما أن نتهكم على حالنا وكأننا محكومون بكوميديا سوداء مذ تفتحت عيوننا على أننا نتمي إلى لبنان، خصوصا وأن معركة مواجهة الفساد مستمرة، ولكن من أسفل الدرج، وقد سجلت مواجهة فاسدين في بعض أجهزة الدولة وفي مؤسسات رسمية، ومثل هذه المعركة شهدنا فصولا منها في سنوات سابقة.
المطلوب مواجهة الفساد بما أوتينا من قوة وإرادة، وما نشهده اليوم يمثل حلقة مهمة وضرورية في ميدان المواجهة، لكن طالما أن الدولة بدأت من أسفل الدرج فذلك يعني أنها لن تتمكن من الوصول إلى أعلاه، فأعلى الدرج الأهم، وسنتعب في نصف الطريق، وستظل الدرجات الأعلى سائبة، علما أنها مصدر الفساد الرئيسي، ومن هم عليها يتحملون تبعات الفساد المتوسط والصغير، وكل الخوف أن تكون المعركة زوبعة في فنجان.
ومن هنا، يظل المطلب الأهم لنصدق أن المعركة انطلقت من الموقع الصحيح، أن نبدأ من أعلى الدرج دون خطوط حمر تحددها الطوائف، وهذا ما يؤكد أن لبنان مدعو ليسجل "صفر فساد" وإلا سنظل نلوك خيباتنا إلى أمد لن يكون قصيرا!