تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
تَــمْثُـــل الحكومة يوم غد الثلاثاء أمام المجلس النيابي لمناقشة البيان الوزاري، وسط توقعات بأن تحظى بثقة تتخطى المئة صوت، وستتنطلق بعدها للعمل، لا سيما وأن الكثير من الملفات في انتظارها، وأبرزها ما هو على صلة بتنفيذ مقررات "سيدر"، لكن في المستجد من تطورات مع ما نشهد من صراع في المنطقة وسط الحديث عن منعطفات خطيرة ومصيرية، لا بد من مقاربة موضوعية لمجمل الوقائع الإقليمية، تزامنا مع نيل الحكومة الثقة المتوقعة بعد غد الأربعاء.
لا يمكن للبنان أن يكون رأس حربة في محاور تقودها الولايات المتحدة الأميركية من جهة وروسيا من جهة ثانية، ومن خلفهما إيران والسعودية وبعض دول الخليج، وهذا ما يؤكد أن النأي بالنفس مطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى، وفي حدود تبقي لبنان في منأى عن تطورات قد تفضي إلى حروب ونزاعات بين محورين، فالمطلوب اليوم تحصين الساحة المحلية بما يعزز مناعتها تجاه أحداث المنطقة، ولا يمكن لأي فريق أن يجر الدولة إلى حيث يرى مصالحه، لا فريق الممانعة ممثلا بـ " حزب الله " وحلفائه، ولا فريق قوى الرابع عشر من آذار، وعلى الجميع أن يعلم أن ثمة دولة هي المعنية بتحديد سياسة لبنان الخارجية، وهي السقف المفترض أن يجمع سائر القوى السياسية.
ومن هنا، لا يظنن أحد أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف حضر إلى لبنان للسياحة أو للتهنئة على تشكيل الحكومة، وما أدلى به اليوم من مواقف جاء محاولة واضحة لجذب لبنان إلى المحور الإيراني وتثبيته كقاعدة متقدمة للصراع مع إسرائيل، وكقاعدة دعم لمعركة بقاء إيران في سوريا، وهذا ما بدا جليا أيضا مع إعلان ظريف استمرار دعم "حزب الله" واستنهاض الفصائل الفلسطينية الممانعة، وجاهزية طهران لتزويد لبنان ما يحتاجه من سلاح نوعي ودواء وكهرباء.
وفي السياق عينه، يستعد لبنان الرسمي لاستقبال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط الذي سينقل إلى المسؤولين نصيحة الأسرة العربية بتعزيز مبدأ النأي بالنفس، ورفض الإنجرار إلى سياسة المحاور، والمستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا الذي سيدعو المسؤولين اللبنانيين إلى عدم الإرتماء في أحضان إيران لما سيكون للخطوة، إن حصلت، من خطر أكيد على موقعه ضمن الأسرة العربية، وأيضا، فإن هاتين الزياتين ليستا للسياحة والاستجمام.
وإذا ما تأكدنا من هدف الزيارات الثلاث، فإن لبنان مقبل على أزمات أكبر من شأنها أن تعزز الصراع الداخلي، وتكون مقدمة لتكريس الانقسام أكثر من ذي قبل، والمشكلة أن كل الدول تسعى لتأمين مصالحها باستثناء لبنان.