تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- * " فادي غانم "
فيما تسير الأمور باتجاه تنفيذ قرارات " سيدر " بعد تشكيل الحكومة العتيدة، يسود اعتقاد بأن لبنان موعود بمرحلة من الازدهار، وهذا ما يتمناه الجميع بعد أن تفاقم الوضع الاقتصادي والمعيشي وبلغ حدا كاد ينبىء بكارثة لا تزال ظلالها ماثلة إن لم تستدرك الدولة الواقع المأزوم بسلسلة من الإجراءات الضرورية، وجاء تشكيل الحكومة كخطوة أولى ملزمة وفي الاتجاه الصحيح، لكن ذلك وحده لا يكفي، فالمطلوب قبل الشروع بتنفيذ قرارات "سيدر" إجراء مراجعة شاملة لمجمل أداء الدولة بعد "الطائف"، لأنه دون هذه المراجعة لا يمكن أن نعلق آمالا كبيرة على "سيدر" ولا على ما سيأتي بعده من مؤتمرات لدعم لبنان.
لم يعد خافيا على أحد حجم الأزمة المالية وارتدادتها السلبية على مجمل الواقع اللبناني، وبالرغم من ثبات سعر صرف الليرة اللبنانية، فالهواجس ما تزال قائمة، ولا نشيع أجواء سلبية حذر منها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ، لكن من اكتوى بتجارب ونماذج سابقة لا بد وأن يقرأ جيدا ظروف لبنان، وعدم قدرته على إجراء إصلاحات في بنية نظامه السياسي، إضافة إلى أن "سيدر" هو عبار عن قروض للدولة اللبنانية، أي أنها ترتب علينا تبعات على مستوى خدمة الدين العام، حتى ولو كانت الفوائد تشجيعية وثمة فترة سماح.
لا شك أن " سيدر " سيوفر فرص عمل تطاول قطاعات عدة، لا سيما وأن من بين المشاريع المطروحة إصلاحات للبنى التحتية، ومن شأنه أيضا أن يساعد في تعزيز الاستقرار النقدي واحتياطات مصرف لبنان من العملات الأجنبية، لكن ذلك لا يلغي القلق لجهة كيفية استعمال هذه القروض وفي أي قطاعات ستصرف، خصوصا وأن المشاريع كبيرة وثمة 90 بالمئة منها قروض فيما الـ 10 بالمئة منها فقط عبارة عن هبات.
ومبعث القلق الأكبر يظل متمثلا بتوصيف "البنك الدولي" لحالة البنية التحتية اللبنانية بأنها "الأفقر إقليمياً وعالمياً"، رغم ما صرف من مليارات على البنى التحتية عينها، والأهم في هذا المجال لا يقتصر على سبل توفير الدعم المادي للبنان فحسب، فالمطلوب مقاربة الأمور بمنطق بعيد من المحاصصة وإبرام الصفقات والتلزيمات، لأننا لا نريد هدر أي مساعدة على حساب الأعمال المنجزة من حيث مطابقتها للمواصفات الدولية.
والمشكلة أيضا أن "البنك الدولي" أشار إلى أن لبنان يأتي في التريب بالمرتبة 130 من بين 137 دولة مدرجة على "مؤشر جودة البنية التحتية"، ويعزو السبب إلى "تراجع الإنفاق العام على البنى التحتية، بسبب تراكم عبء الدين الملقى على الدولة، والامتناع عن إقرار أي موازنة لمدّة طويلة (12 عاماً)".
من هنا، نريد لـ " سيدر " أن يكون نعمة، وألا يتحول نقمة إن لم نوفر الأسس والمبادئ الضرورية لإصلاحات تلحظ حجم الفساد وتبعات الهدر ومحاكمة من لا يقيم اعتبارا للمال العام، وهذه جميعها تحديات لحظها العهد، وكل الأمل معقود على التنفيذ والتطبيق.
*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين)
*رئيس "جمعية غدي"