تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
حتى تدير الزوايا لم ينفع هذه المرة في رفد عملية تأليف الحكومة بقليل من الأوكسيجين ما يجعلها قابلة للحياة، وأساسا كل الزوايا اتخذت أشكالا دائرية وكونت دائرة كبيرة تحاصر لبنان، أو هو غدا سجنا حجارته من مواقف قُدَّت من صخر أصم، ولدقة التوصيف نقول لبنان مآله الفوضى وإدارته كدولة ومؤسسات لن تتعدى "الترقيع" طالما أن السلطة السياسية لا يمكن أن تتجانس بعيدا من مبدأ التحاصص واقتسام ما لا يمكن أن يُقتسم لأنه يجافي منطق الدولة الموحدة والمنسجمة في حدود ما كفله الدستور.
في لبنان ما عاد ينفع تدوير الزوايا، فكل الأشكال الهندسية لا تخضع لمعادلات العلم، حتى طاولات الحوار المستديرة لم تجدِ نفعا، ولا الزوايا المنفرجة، ولا تلك الحادة، ولا المربعات، فكم مرة عاد تشكيل الحكومة إلى المربع الأول، ففي لبنان تداخلت كل هذه الأشكال في لوحة سوريالية، لو رآها سلفادور دالي (رائد الفن السوريالي) لأحرق كل لوحاته واعتزل الرسم والفن وعاش بقية عمره متسكعا لا يلوي على شيء.
بالاستناد إلى مشهدية حكومية بزت سوريالية دالي، يخطىء من يظن أن أي فشل يتحمل تبعاته الرئيس المكلف سعد الحريري، فوفقا لما شهدناه في الأشهر الماضية لم يبق فريق سياسي إلا وصادر صلاحيات الرئاسة الثالثة، ومن باب الإنصاف لا بد من التذكير أنه لم يبقَ أحد ولم يتدخل في "الطبخة الحكومية"، والمشكلة تتبدى هنا، أي مع كثرة الطباخين، ففي لحظات كدنا نظن أن كل الطبقة السياسية مكلفة تشكيل الحكومة، وهذا مرده إلى ترهل الواقع السياسي العام.
مع بداية التكليف، وجدنا أن "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" مكلفون تشكيل الحكومة بالتنسيق مع الرئيس الحريري، ويوم توافق "التيار" و"القوات" وقبل النائب السابق وليد جنبلاط التراجع عن أحد مواقفه تسهيلا للتسوية، وجدنا أن " حزب الله " مكلف فوق العادة تشكيل الحكومة يوم تبنى ودعم النواب السنة الستة المعارضين للحريري، ولم يكن رئيس مجلس النواب نبيه بري بعيدا أيضا، فماذا تركوا للرئيس المكلف؟
واليوم، ثمة من يرجح اعتذار الرئيس الحريري، ليس لصالح تكليف جديد يتطلب وقتا ومشاورات ومعادوة حركة اتصالات لنبدأ من الصفر، وإنما لتفعيل دور حكومة تصريف الأعمال، وإذا لم تثمر جهود الرئيس الحريري في غضون الأيام القلية المقبلة، فسنتخطى السوريالية إلى المرحلة التجريدية، حيث تسقط الخطوط والأشكال ولا نعود نستوعب حدّاً أدنى من كل هذا الجنون اللبناني!