تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– محرر الشؤون السياسية
أن ننتقد واقعا سياسيا بات مجلبة لأخطار كبيرة تتهدد الدولة، فذلك لا يعني التصويب على العهد، ولا على أي مكوِّن من مكونات الدولة، وفي الأساس هذه وظيفة بعض من ارتضوا أن يكونوا أبواقا، أما نحن، فدأبنا أن نعلي الصوت لننجو جميعا من الهلاك، وإذا كانت السفينة تتقاذفها الأنواء فالكل مسؤول، ولا يمكن التنظير وإطلاق المواقف، كما لا يجدي البحث عن جنس الملائكة إذا كان الغرق في أتون الفوضى، وربما أكثر، واردا في لحظات الضعف واليأس.
لم نعتد التشاؤم، ولم نُغرق في التفاؤل، "تشاءلنا" دائما حتى تملك منا التعب، فليس ثمة أصعب من ألا يجد المرء مساحة يسكن إليها بعيدا من واقع بائس وأحلام متهاوية، تكفي جولة أفق في مسار السياسة الداخلية حتى ندرك أن "التشاؤل" مفردة غائبة وصعبة المنال، وحده التشاؤم يقض المضاجع ويرخي ستارة العتم على أيامنا المقبلة، فيما لا بارقة أمل تلوح من بعيد، ولا مرصد سياسيا بمقدوره أن يلتقط إشارات تنبىء بأن ليل الانتظار الطويل يوشك على الرحيل، وأن صبحا قابلا للانبلاج غداة صدفة.
إذا نظرنا إلى القمة العربية الاقتصادية التنموية وما آلت إليه حضورا سيقتصر على رئيسين فحسب حتى الآن، لا نحتاج برهانا يؤكد أننا ننحدر صوب خيبات جديدة، حتى ما عاد بالإمكان توصيف هذا الحدث الاقتصادي بـالـ "قمة" فيما المشاركون فيه ليسوا بأكثر من ممثلين عن رؤساء وأمراء وملوك، ويكفي تبجحا أن نقول وبِكبرٍ أن مجرد انعقاد القمة في بيروت فهذا نصر للبنان!
كما لا يجوز بعد الآن تعليق إخفاقاتنا الكثيرة على مشجب المؤامرة التي تستهدف لبنان، فساعة يسود منطق الميليشيا وتستشري الانقسامات، لا نريد أن يُسمعنا أحد كلاما من قبيل أن إسرائيل أو دول الخليج أو الولايات المتحدة الأميركية استهدفوا القمة، بينما نحن "كفينا ووفينا"، ومَن مِن قادة الدول مستعد أن يلبي دعوة لبنان لحضور قمة استُهدفت قبل أن تنعقد؟ ومن ثم من يأتي إلى بلد تحول منصة تطلق في حقه حملات شعواء وننسى أنه وقف إلى جانب لبنان في أقسى وأحلك الظروف؟
لقد سهلنا الطريق لقمة ضامرة، خصوصا وأن كل المؤشرات تدل على أن الحكومة صارت من الماضي وقد عززت السجالات العنيفة بين القيادات المعنية بالتأليف هذا الاعتقاد، فعن أي مؤامرة يتحدثون فيما ننتظر انعقاد قمة بمن حضر؟!