تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
بغض النظر عن الواقع الحكومي وما يتسرب من معلومات عن ترتيبات ومقترحات وأفكار، وبعيدا من توقعات بانفراج حكومي قريب، بات لزاما علينا كلبنانيين أن نطرح سؤالا بهدوء وعقلانية، من قبيل: هل يمكن للبنان أن ينطلق ويزدهر في ظل نظام سياسي تعطلت آلياته حتى صارت مجرد إطار بلا محتوى؟ وهل يمكن للديموقراطية التوافقية أن تبني وطنا قادرا على النهوض والتطور؟
لا نطرح هذين السؤالين من خلفية إعادة التأسيس للبنان الذي نحلم به، ونشعر فيه أننا ننتمي لوطن يغتني بطوائفه وتنوعه الروحي والثقافي والفكري، لأننا على قناعة أن الظروف التأسيسية للبنان الدولة العصرية لم تنضج بعد، وفي المقابل، علينا أن نواجه طروحات "تحسينية" (تعديل الطائف) لن تجلب لنا إلا المزيد من الكوارث والخراب والحروب، لا سيما حول ما يتردد من آن لآخر عن موضوع المثالثة.
أساسا، وفي مقاربة سريعة لواقع لبنان الحديث، أي منذ الاستقلال إلى اليوم، لم تجلب الثنائية المسيحية – الإسلامية غير الويلات، ولا نزال في دائرة مغلقة ندور حاملين هواجسنا دائما، في دولة نسمع فيها من يتحدث عن حقوق المسيحيين والمسلمين، ولا نسمع من يتحدث عن حقوق أصحاب الكفاءة الأقدر على إدارة مؤسسات الدولة، وهذه إشكالية لا يمكن القفز فوقها، لأن المطلوب رفع الظلامة عن أصحاب الكفاءات والعلم إلى أي طائفة انتموا، وإذا كان الانتماء الدين يسمو بنا إلى مراتب عليا كبشر من خلال قيمٍ إيمانية إنسانية، إلا أنه في واقع لبنان بات منصة لمصالح وأهواء.
في التجربة العملانية، وفيما نحن عليه اليوم، بدأ نظامنا السياسي يتصدع ونراه اليوم تتجاذبه مصالح الطوائف والأفراد، وتشكيل الحكومة المعثر مثال واضح، أو بمعنى آخر، فإن ما وصلنا إليه عبر مسار التأليف، هو نتاج مأساوي لنظام لا يمكن أن يستمر ويعمّر طالما أنه يحمل من الشوائب ما يبقيه مترنحا وآيلا دائما للسقوط، وهذه حقيقة يجب مواجهتها بما يضمن عدم انهيار البناء فوق رؤوس الجميع، إما بالتوافق كسقف وحيد لحل النزاعات، وإما بالتأسيس لنظام دولة مدنية تحمي حقوق اللبنانيين بسائر تلاوينهم السياسية وتنوع طوائفهم ومذاهبهم.
أما الكارثة أن يكون ثمة من يتطلع إلى المثالثة، فمثل هذا الأمر يشبه من ينتحر طوعا، خصوصا عندما يصبح اللبنانيون من غير ثالوث التقاسم أهل ذمة!