تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- * " فادي غانم "
مع ما وصلنا إليه من انعدام الأمل في ولادة الحكومة قبل الأعياد، ومع عودة الخلافات إلى واجهة التأليف، وبعد أن سمعنا من معظم المسؤولين معسول الكلام بأن الحكومة أقرب إلينا من حبل الوريد، وبعد أن بدأنا الاستعدادات للاحتفال، وبعد أن تبددت بارقة الأمل، بدأ يتبين لنا أننا في بلد ممنوعون فيه من الحلم.
وفي مكان ما، يبدو الأمر وكأن أهل السلطة يؤثرون كسر رقم قياسي جديد والدخول إلى كتاب "غينيس" من أوسع الأبواب، في أطول وقت استغرقه تشكيل حكومة، وتخطي الرقم القياسي السابق لحكومة الرئيس تمام سلام (350) يوما، وهذا يعني أن حكومة الرئيس المكلف سعد الحريري ما يزال أمامها الكثير لتحقق سبقا جديدا للبنان، يقدر بأكثر من مئتي يوما.
لا نقدم هذه المقاربة إلا من قبيل السخرية حيال ما آلت إليه أوضاعنا، ونتمنى ألا نكسر أرقاما قياسية إلا بما هو إيجابي وفيه مصلحة اللبنانيين، وبما يرتد أمنا وسلاما وازدهارا على لبنان، لكن في بعض الأحيان نستحضر السخرية لنعبر عن هموم وهواجس، خصوصا ساعة لا يفيد الكلام، ولا يعود يلقى صدى لدى من بأيديهم الحل الربط، كما هو حالنا اليوم، مع عودة الأمور إلى مربع الخلافات الأول على مواقع وحصص في حكومة كان يجب أن تبصر النور في أربعة أيام، وهذا ما شهدناه ثلاث مرات في حكومات ما بعد الطائف، مرة واحدة مع حكومة الرئيس الراحل رشيد الصلح، ومرتين في حكومتين متباعدتين زمنا مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
رغم كل الظروف الضاغطة، ولا سيما المستجد منها، لا نزال محكومين بالتفاؤل، ولا نزال نحلم بفسحة من أمل، وأيضا لا نزال نرى أن العقبات المستمرة تحتم علينا البحث عن صيغة حكومية جديدة بعيدا من المحاصصات، وهذا ما بدأ يترسخ لدى اللبنانيين، وهم مقتنعون (أو غالبيتهم على الأقل) أن لا حل لأزمة الحكومة إلا من خلال الشروع فورا بتشكيل حكومة مصغرة تضم أشخاصا من ذوي الخبرة والاختصاص (تكنوقراط)، وأن يكونوا حياديين بعيدين من تعقيدات السياسة ومن مصالح السياسيين.
في مراجعة نقدية سريعة للفترة الماضية، وما شهدنا من تعطيل استمر سبعة أشهر متتالية، نتأكد أن أي حكومة تحمل شعار "وحدة وطنية" لن يكتب لها النجاح، فحجم التناقضات أكبر من أن يساعدها في حل ما يواجه لبنان من تحديات وأخطار، وسط مخاوف من أن تستمر التناقضات داخل الحكومة في حال تشكلت ونالت الثقة.
من هنا، نجد أن السبيل الأمثل للنهوض بالبلد من عثراته، بات يتطلب حكومة تكنوقراط منسجمة، لا تطيح بها أهواء المسؤولين، خصوصا وأن ظروف لبنان ما عاد تمكنه من كسر أرقام قياسية جديدة!
*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين
*رئيس "جمعية غدي"