تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
كي نحتصر الأمور بكلمة واحدة، أو بعبارة تلغي تحفظا طالما ما ترددنا في الجهر به، نقول، وبفم ملآن، إن كل قوى السلطة غارقة في الفساد، والكل شركاء، ومن يطالعنا بكلام آخر، فهو إما يدعي عفة متوهمة، كمن يطلق كذبة ويصدقها، أو أنه نسي وتناسى أن السلطة مفسدة في كل دول العالم، فكم بالحري في بلد مثل لبنان محكوم بمحاصصة الطوائف وزبانيتها وأزلامها وحراسها، من أعلى الهرم إلى القاعدة، من الرأس إلى القدمين.
في دول العالم ثمة فساد أيضا، حتى في البلدان المتقدمة للفساد حصة الأسد، وإذا بدأنا بالولايات المتحدة الأميركية، نجد أن ليس ثمة فساد أكبر من تغليب رئيسها دونالد ترامب مصالح مصانع الأسلحة على حساب ما تدعيه أميركا من أنها حامية الحريات في العالم، وفي لحظة ما يتبدى الوجه البشع للنظم الديموقراطية في العالم الرأسمالي، حين تقدم مصالحها على حساب فقراء الأرض، وأن يقيم مسؤول عربي في إحدى الدول مآدب على شاكلة "ألف ليلة وليلة" تكفي لمواجهة الفقر في أفريقيا فهذا عين الفساد.
الفساد لا لون له، لا طائفة، لا دين، ولا جنس ولا عرق، هو الجانب المظلم من إنسانية فقدت رشدها، مذ رَجَحَتْ ومالت كفة الشر على الخير فاختل ميزان العدل، ولا شيء تغير في مسار حضارات العالم إلى اليوم، فساد بفساد، ومن يظن أن الإنسان هو أقوى المخلوقات على وجه الأرض، وبالتالي هو الأرقى فيكون مخطئا، كل الكائنات تقتل لتستمر في دورة الحياة، إلا الإنسان يقتل ليسود ويحكم ويجني الثروات، يدمر الطبيعة، يستنزف مواردها ولا شيء يوقف نزوعه نحو الشر مدججا بأطماع ونزوات تكفي لهدم حضارة تلفظ اليوم أنفاسها.
وبالعودة إلى لبنان، نجد أن للفساد طعم آخر، فهو حصين ومحمي، والويل لمن يتطاول على مفسد وفاسد، فلا قانون يشفع ولا قضاء يحمي، والأنكى أن الكل يريد محاربة الفساد، عشرات البيانات والتصريحات تريد اجتثاث الفساد من الجذور، وجل المطالبين فاسدين وأكثر، تماما كتلك التي تحاضر في العفاف.
في دول العالم نجد فاسدين من "علِّية القوم"، مسؤولين، نوابا، وزراء وقضاة يحاكمون بتهمة الفساد ويودعون السجون، إلا في لبنان، الفاسد طليق، حر، يُكافأ بمنصب رفيع، يترك له مكان في حافلة قوائم الزعماء، هنا في لبنان يرتاح الفساد، يتسيد، ويبني قصورا من عظام اللبنانيين ودمائهم!
ثائر -