تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
نطلب من أهل السياسة أن "ياخدونا عا قد عقلاتنا"، لنطرح سؤالا واحدا واضحا محددا، لعلنا في المقابل نجد من يرد عليه أيضا بإجابة واحدة واضحة ومحددة، والسؤال بسيط جدا ويفترض أن الإجابة عنه سهلة كذلك: إذا كنتم جميعا تنتقدون الفساد وترددون وتتوعدون بمواجهته في خطابات تصم الآذان تماما مثل أسطوانة مشروخة، فلماذا لم تتمكنوا منه إلى الآن؟
من حقنا أن نعلم ماهية هذا الفساد، وكيف انتشر وعم البلاد وبات عدو اللبنانيين الأول، يستبيح كراماتهم، يهدد حاضرهم والمستقبل، يصادر أحلامهم بوطن يحترم الحياة الإنسانية ولا سيادة فيه لشريعة الغاب، وطن تسوده العدالة لا الظلم ومنطق القوة والاستئثار، وطن يعيد للناس حقوقهم في ظل قضاء عادل بعيدا من الاستنساب وتمييع القضايا وتجهيل المذنب والمجرم.
هذا السؤال لن يجد جوابا لا الآن ولا غدا أو بعده، فالفساد جزء من يومياتنا، مواطنين ومسؤولين، وثمة الكثير من أمثلة، فمن يرضى أن يتذلل لمسؤول ليحصل على خدمة لا يتيحها له القانون يتساوى بالفساد مع المسؤول عينه، ومن يقصد زعيما طالبا إطلاق سراح قريب اعتدى على مواطن آخر وأودع السجن، فهذا بعض من فساد قائم، أما الزعيم في طلب إخلاء سبيل المعتدي فيمثل قمة الفساد، ولم نر مسؤولا قال يوما لأحد أتباعه "ليأخذ القانون مجراه"، نافضا يده من صغائر يفترض أن تكون اليد الطولى فيها للقوى الأمنية والقضاء.
الفساد مستشر، لأن المسؤول تواطأ ضد القانون، واندفع لمساعدة من لا يقيمون اعتبارا للدولة بقوانينها وأنظمتها، طمعا بصوت انتخابي، وعندما يتحول مسؤول ما من مشرع في البرلمان إلى "حامي زعران"، فهذا يعني تقويض كل القيم المجتمعية، والفساد درجات، يبدأ من حماية "أزعر" ولا ينتهي بنهب ثروات البلاد، وبصفقات وتحاصص وتقاسم مغانم، لأن قمة الفساد في تجلياته الأخيرة، نراها متمثلة في اقتسام كعكة الحكومة، وهو فساد ما بعده فساد، وإذا كنا مخطئين فليصحح لنا أولو الأمر، ويهدوننا إلى الصراط المستقيم ويرشدوننا سواء السبيل.
إن عدم قدرة اللبنانيين على تجاوز أزمة تأليف الحكومة (يُزعم أنها حكومة وحدة وطنية) يعني حكما أن الفساد تجذر إلى حد ما عاد في الإمكان اجتثاثه، وكل الخوف حيال كل ذلك أن تنتهي المشاورات إلى إعلان حكومة أولها فساد وآخرها فساد!