تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
يبدو إلى الآن أن قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول لن تطوى قريبا، وستظل حاضرة إلى أن تنضج ظروف تسوية ما، بدأت تنسج تفاصيلها في أقبية الدوائر السياسية الدولية، دون أن يعني ذلك أن مثل هذه التسوية ستكون سهلة، أو أن تكتمل عناصرها وفق ما يوضع الآن من سيناريوهات.
ما يمكن استنتاجه إلى الآن يظل متمثلا في تقديم رواية "مُقْنِعة" توضح مسألة واحدة، حول تورط ولي العهد محمد بن سلمان في هذه الجريمة، خصوصا وأن الرواية السعودية لم تقدم إجابات واضحة حتى الآن، وقد تغيرت مرات عدة منذ الإعلان عن اختفائه في الثاني من الشهر الماضي، ففي البداية قالت السعودية إن خاشقجي غادر القنصلية حيا ولم يمس بأذى، ثم عادت لتقر بموته في مشاجرة بالأيدي، ثم بات المسؤولون يصفون موته بـ "الجريمة" المخطط لها.
حتى الآن، ما تزال الجريمة في دائرة التوظيف الإعلامي، بين من يدعم الرواية السعودية وبين من وجد في الجريمة مادة لابتزاز المملكة، حتى الموقف الأوروبي بدا في مكان ما محكوما باعتبارات أبقت هذه القضية ضمن حدود مواكبة التحقيقات، وإن علت أصوات مطالبة المملكة بتقديم المزيد من المعلومات.
هذه الجريمة ما تزال تستولد المزيد من الأسئلة، فإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب "تشتري" الوقت بانتظار ما يضمن مصالحها، وهذا ما عبر عنه ترامب في أكثر من مناسبة، وإن اتسمت مواقفه أحيانا بالحدة، إلا أنها ظلت معطوفة على ما يقيسه بالاستثمارات وتأمين الوظائف، وقدرها بمليوني فرصة عمل توفرت منذ تسلمه مقاليد الحكم قبل سنتين، وإلى الآن ما يزال الموقف الأميركي الرسمي يزين الأمور برؤية تتقدم فيها مصالح الولايات المتحدة على القيم الإنسانية التي نادت وتنادي بها، وهذا ما تجلى في تناقض واضح بين ما يقدمه الإعلام وما يصدر من البيت الأبيض.
وتبقى تركيا اللاعب الأكبر حتى الآن، فهي تسعى لتطويق المملكة في حدود ممارسة الضغط، وهي تتطلع إلى إحراج السعودية بما تقدمه من معلومات بجرعات محسوبة ومحددة، يبدو أنها تخدم توجهات غير بعيدة من الاقتصاد أيضا.
كل السيناريوهات عنوانها واحد، إحراج المملكة، والتلويح بعقوبات وتقديم أدلة عن تورط كبار المسؤولين السعوديين، ليكون ثمة ثمن في تسوية قادمة، لا بل يمكن التأكيد أنها ممكنة، إلا إذا كانت ثمة معطيات حول الجريمة عصية على البلع الهضم!