تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
أخيرا، وبعد طول انتظار، تحقق واحد من أحلام اللبنانيين الكثيرة، وبدأت تتعزز قناعتهم بأن الدولة ضنينة على جيوبهم ومالهم وقوت عيالهم، فعلى الأقل، في موضوع الكهرباء ، لن تكون السرقة بعد اليوم "مقطوعة" لشهر واحد، ولن يكونوا لقمة سائغة لأصحاب المولدات الخاصة، الدولة قالت كلمتها و"فضيحة على السطر".
لا نملك سوى هذه السخرية الهامسة لنطل على أوجاعنا، فبدءا من يوم غد، ومع إطلالة أسبوع آخر بلا حكومة، سنشهد بداية تركيب عدادات لمولدات الكهرباء بمؤازرة القوى الأمنية، على أن ينتهي هذا العمل الفذ خلال في مهلة أقصاها أسبوعين، ويمكن بعدها لأي مواطن لبناني أن يحصل على إفادة سكن ما إن يظهر فاتورة المولد، وليس على أحد الاعتراض، فالفاتورة وإن كانت صادرة من أصحاب المولدات، إلا أنها رسمية 100 بالمئة، وجاءت تلبية لحاجات الناس بمنطق " تشريع الضرورة "، تما كما جلسات مجلس النواب الأخيرة.
لا نغمز من قناة أحد، فمشكلة الكهرباء في لبنان لا يمكن تحميل تبعاتها لفريق بعينه، ولا نفتئت على الوزير الحالي أو أي مسؤول آخر، فواقع الحال هو ثمرة فساد يرقى إلى منتصف القرن الماضي، يوم غادر الفرنسيون لبنان وتركوا لنا معامل تنتج الكهرباء بالطاقة المتجددة (طاقة المياه)، ولا سيما منها معمل رشميا في قضاء عاليه الذي أنار بيروت للمرة الأولى، وما يزال يغذي بعض القرى، ولم نتمكن من بناء مؤسسات قابلة للتطوير والتحديث، باستثناء فترة من الازدهار قوضتها في ما بعد الحرب، وما نزال منذ "الطائف" إلى الآن نعيش شبهة الفساد في كل ما يمت بصلة إلى الدولة، وزاراتها، مؤسساتها ومرافقها وإداراتها.
وبدلا من أن ندشن معامل إنتاج جديدة، وتحويل هذا القطاع من مستنزف لخزينة الدولة إلى رافد وداعم لها، وتفعيل التوجه نحو الطاقات المتجددة بسلة حوافز مالية وضريبية على غرار ما هو قائم في دول العالم، نفاجأ بأنه تم الإعلان عن تفاهم على التسعيرة مع أصحاب المولدات تتراوح بين أربعمئة وأربعمئة وخمسين ليرة، مع تحذير من قبل المديرة العامة لوزارة الاقتصاد إلى الذين لن يلتزموا بمصادرة مولداتهم، وذلك قبل يومين من انتهاء المهلة التي حددت لتركيب عدادات والالتزام بتسعيرة الدولة.
لا يحتاج لبنان لعدادات تنظم عمل مولدات الكهرباء، لا بل هو يحتاج إلى عدادات تحصي الفضائح والصفقات والسمسرات والمحاصصات، علها تساعد في اجتثاث الفساد بدلا من التعايش معه!