تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
غدا الإثنين يشرع المجلس النيابي أبوابه، ويعقد جلسة تشريعية هي الأولى له منذ انتخابه في 6 أيار (مايو) الماضي، في مشهد مستعاد، وبعنوان "تشريع الضرورة"، وكأن لا شيء تغير أو سيتغير، أي العودة مرة جديدة لنعيش فصلا آخر من فصول أزمات سابقة، ليست بعيدة زمنا، وحاضرة دائما كنقطة سوداء في مسار أبعد ما يكون عن الديموقراطية، في دولة لا تزال موزعة إقطاعات خاصة على ممثلي الطوائف، وهذه لا تنتج غير الأزمات أو الحروب ماضيا وراهنا.
ولا نعلم كيف ستملي الضرورة على مجلس النواب التشريع على مدى يومين متتاليين مشاريع قوانين مدرجة على جدول الجلسة، مرتبطة بإصلاحات تعهد لبنان بتطبيقها خلال مؤتمر "سيدر"، فهل يتوافق الإصلاح مع استمرار تعطيل المؤسسات، ولا نلوذ إليها إلا ساعة يتعلق الأمر باستجداء مساعدة المجتمع الدولي وتوفير شروط حصول لبنان على قروض وهبات (90 بالمئة قروض و10 بالمئة هبات)؟
بعيدا من المعيار الاقتصادي، لا بد من الاعتراف أننا عاجزون عن إدارة البلد، وللمقاربة ليس أكثر، يذكر اللبنانيون أنه في عهد الوصاية السورية لم نواجه مشكلات في تشكيل حكومات ما بعد "الطائف"، وكان "الباب العالي" في عنجر يوزع الحصص والمقاعد، ولم يكن ثمة من يعترض، وفي ما نعيش ونشهد اليوم يتأكد أن اللبنانيين عاجزون عن تسيير أمورهم، وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه، من باب العناد وعدم استعداد أي فريق لتقديم تنازلات، فذلك يعني استحضار وصيٍّ ما، أو على الأقل نؤكد للعالم أننا بلد عاجز، ونفتح في جدار أزماتنا ثغرات تطل منها دول تزين تدخلها بالحرص على لبنان.
لم يعد مقبولا التأخر في تشكيل الحكومة ، وإن أي تسوية داخلية بين فرقاء الأزمة تظل أقل ضررا من تسوية ترعاها قوى خارجية، ولا نريد للعهد أن يغرق في تفاصيل تحرف أهدافه في الإصلاح والتغيير وتحجمها إلى حدود مقعد وزاري، خصوصا وأن الأحجام تصنعها الإرادات الصلبة في الحكومة وخارجها، ومنطق التحاصص يفضي لزاما إلى ما يهدد بنيان الدولة ويؤدي إلى ترهل إداراتها ومؤسساتها.
وكي لا نبقى محكومين بتصريف الأعمال حكوميا وتشريع الضرورة نيابيا، بات من الملحّ أكثر من أي وقت مضى أن نعجل بتشكيل حكومة "الممكن"، وإلا سنخسر ما لا يمكن تعويضه، لا في السياسة، والا في الاقتصاد، وربما في الأمن أيضا!