تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
حسنا فعل " التيار الوطني الحر " و" الحزب التقدمي الاشتراكي " في تبني التهدئة ووقف التراشق والكف عن استحضار الغرائز، في خطوة وإن جاءت متأخرة، تظل أفضل مما ساد في الأيام الماضية من تفلت تخطى "أدب السياسة"، على قاعدة أن تأتي التهدئة متأخرة خير من ألا تأتي أبدا، لكن يبقى المهم والأهم أن تعكس نية واضحة في الترفع عن لغة تُفقد الفريقين بعضا من مصداقية وتصيب بشظاياها السلم الأهلي، خصوصا وأن استعارة مفردات الحرب لا تبني حاضرا ولا تحصن مستقبلا.
وبالرغم من قرار التهدئة، إلا أننا لم نبلغ بعد ما يطمئن النفوس، فمن يضمن أن لا يتجدد الخطاب ذاته في لحظة "تخلٍّ"، وأن تعود الساحة الداخلية لتستباح بعرض عضلات جديد، لا سيما وأن الحلبة ما تزال جاهزة ولا شيء تغير، خصوصا في الموقف من أزمة تشكيل الحكومة، أي أن أسباب الخلاف ما تزال قائمة، ومن يضمن تاليا أن لا يعود القصف والتراشق والتشاتم "كل ما دق الكوز بالجرة"؟!
ومن ثم هل يكون قرار التهدئة ناجزا وهو لم يُـــبنَ ليؤسس لاستقرار دائم عنوانه الاختلاف في حدود لا تشوه الممارسة الديموقراطية؟ وما هي حدود التهدئة؟ وهل ما جرى يقتصر على وقف التراشق مؤقتا؟ ومن ثم كيف يمكن تخطي ما أحدثته المواقف والتصريحات مع فتح جراح الماضي لنتأكد أنها لم تندمل بعد؟
كل هذه الأسئلة تؤكد أنه لا يمكن مقاربة التهدئة إلا بشجاعة الموقف، ومن خلال مراجعة نقدية جريئة كي لا نسقط من جديد في متاهات العبث والفوضى، ومن هنا نجد أن التهدئة ناقصة وجاءت بإسقاطات فوقية على القواعد الحزبية، ولم تلحظ أسباب استعادة ما كنا نظن أنه مضى وولى إلى غير رجعة، ما يرتب على المعنيين مسؤوليات أكبر في سياق ترميم المصالحة بأكثر من تعميم قرار.
أظهر "التيار" "الاشتراكي" حرصا على السلم الأهلي، وهذا يسجل لهما، لكن المطلوب عقد لقاءات مصارحة والتحضير لمؤتمر عام يتبنى "ميثاق شرف" يكون المنطلق لاستعادة الحياة الديموقراطية بعيدا من تراكمات الماضي!