تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
العالم يغلي فوق صفيح ساخن، مناورات عسكرية غير مسبوقة، استعراض أحدث الأسلحة، حروب اقتصادية تهدد دولا، سيناريوهات لمواجهات مقبلة، استعدادات لرسم معالم توازنات جديدة، وصراعات غير محكومة بسقوف محددة، لا بل ستظل مشرعة على احتمالات كثيرة لن يكون أحد في منأى عن تداعياتها من السياسة إلى الاقتصاد، وصولا إلى ميادين الحرب والنزال في ما يخطط للمرحلة المقبلة.
أما لبنان فغائب عن السمع، وكأنه في جزيرة معزولة عن عالم مجنون وإقليم متصدع، إلا في حدود ما تمليه عليه بعض المناسبات والمحطات، وهي، على أهميتها، لن تجلب له الخير المرتجي طالما أن اللبنانيين أنفسهم لم يتبينوا إلى الآن أين هي مصالحهم، أو كيف يحصنون ساحاتهم وسط عواصف عاتية، وهم غير مبالين، ولا هم مهيأون أساسا لتوفير سبل النجاة والخروج بحد أدنى من الخسائر، وهذا لا يتأمن إلا عبر وحدتهم، وهذا أمر مؤجل حتى إشعار آخر.
ليس ثمة مبالغة في أن العجز أصبح عنوانا رئيسيا وثابتا في استحقاق دستوري، وهنا، لا نستغرب أننا نعيش خارج اللحظة، بعيدا من التطورات الإقليمية والدولية، خصوصا وأنه إلى الآن ما يزال أولو الأمر يمعنون في سلوك طريق لا يفضي إلا لمنزلقات ومنعطفات خطرة، أي التسلية بروح المغامرة، "رالي" سريع على حلبة افتراضية، لكن كل التبعات يحصد نتائجها اللبنانيون في واقعهم المنهك، ووسط معاناتهم الماثلة كحد مقصلة، من الاقتصاد إلى التربية والصحة وسائر الأمور الحياتية الضاغطة.
لقد غدا تشكيل الحكومة نوعا من التسلية وتمضية الوقت، ولا تفسير آخر طالما أن البلاد تسير بخطى ثابتة نحو التراجع والانهيار، لكنها تسلية مكلفة ترتب على لبنان أثمانا باهظة لا قدرة له على احتمالها.
المشكلة ليست هنا، فليس ثمة من عاد ليعول على حكومة تضم ممثلي الطوائف وأحزابها، وما شهدناه في الأيام القليلة الماضية قدم نموذجا فاضحا في أداء بعض الوزراء عندما مارسوا مهامهم من موقع انتمائهم لفريق سياسي، وتحول مصير اللبنانيين في إدارات الدولة "فشة خلق" سياسية لإيصال الرسائل.
لبنان في مهب الفوضى، وجاثم على فوهة بركان، فالفراغ والعجز يهددان استقراره الداخلي، وما تنبىء به الصراعات في محيطنا المشتعل تؤكد أن القادم أسوأ، فيما لم نهيء أنفسنا لغير التنابذ في ملهاة طالت، وقد تطول أكثر من باب العبث ليس أكثر!