تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
عندما تصادِرُ مواقفُ أُولي الأمْـــر والنهي في دولة ما الحياة السياسية، في وقت أشد ما تكون فيه بحاجة لسلطة قوية، عادلة وناهية، فهذا يعني أن الدولة دخلت في إجازة مفتوحة ومدفوعة من جيب المكلف ودافع الضرائب، أي الناس الذين بدأ قسم كبير منهم يراجع قناعاته الانتخابية ويكتشف أنه أساء الاختيار، وهذا ليس من عندياتنا، فقد ألمح إليه غبطة أبينا البطريرك ما بشارة بطرس الراعي قبل يومين، أي أننا لا نتجنى على من يصرون على الإجازة من باب النكد المنمق بشعار الأحجام لنحو 50 بالمئة من اللبنانيين قرروا الانغماس في قانون هجين ومسخ، أنتج السلطة السياسية ذاتها وإن كبرت أو ضمرت أحجام البعض.
لا يمكن لسلطة سياسية أن تلغي حضورها واستئثارها وتحكمها بنفاصل الدولة، وكل هؤلاء الذين يتغنون بالديموقراطية يعلمون أن ترسيم الدوائر كان خاضعا لمعيار طائفي، ولم يقترع اللبنانيون لمشروع سياسي وإنما لنزعات تستحضر الخوف من الآخر، ولن يصطلح لبنان إلا ساعة تكون المناصفة بين المسيحيين والمسلمين خاضعة لتنافس ديموقراطي على قواعد تنتج خطابا وطنيا جامعا، يحترم التنوع ولا يلغي خصوصية الجماعات والأفراد.
لقد اقترع اللبنانيون لتجديد أزماتهم وليس لعلاجها، والدليل واضح لا يحتاج قرائن وبينات، ومن ثم، ليس ثمة فريق فاسد وآخر يحارب الفساد، أو أنه ورث الفساد وقرر الانخراط في السلطة، فيما إلى الآن لم نر طحينا بينما الرحى لا يصدر عنها إلا جعجعة ودورانا في فراغ.
كل أهل السلطة شركاء في المحاصصة والاستئثار وتقاسم المغانم، ومن لم تُلوث يداه بالفساد فهو شريك أيضا من موقع أن الساكت عن الحق شيطان أخرس، وما عدا ذلك ترهات وسجال خارج اللحظة، ومقولات خشبية وخطاب أجوف وأرعن.
إن دولة غير قادرة على وقف كسارات تنهش جبالها هي بالقطع فاسدة، وأما سائر الفضائح فننأى عنها كي لا نحجم المشكلة إلى مستوى فريق سياسي بعينه، ونحن نعلم أن الفساد يجد في بنية الدولة تربة صالحة لينمو ويكبر معه الجميع، ونعلم أكثر أن السلطة مفسدة، خصوصا في دولة يتقاسمها الإقطاع السياسي والمالي والمناطقي والطائفي، وكل ذلك يؤكد أن الدولة بسائر مكوناتها في إجازة إلى أن "يقضي الله أمر كان مفعولا"!