تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- أنور عقل ضو
عندما يتحول وزير أو مسؤول أسير أهوائه والتشفي، فعلى الدولة السلام، لن نسمي، فالقائمة طويلة، وفي الفم ماء، وفي القلب ما لا يُصرَّحُ به علانية، كي لا نُدانَ بغير وجه حق من أننا نمس الكرامات ونتجرأ على "قداسة" المواقع والكراسي والمناصب، من اليمين إلى اليسار إلى الوسط، إلى تلاوين الطوائف والمذاهب، إلى من صادروا آذار وأسقطوه من روزنامة "ربيع لبنان"، فكان المحل والجدب من 8 إلى 14، وكانت صحراء قاحلة لا تبوح بغير بور المواقف.
وبرغم قناعتنا أن كرامة الوطن هي الأقدس، نعلم في الآن عينه، وبيقين راسخ أن هذه الكرامة صودرت في نَتَنِ المواقف وآسِنِ الممارسات في حفرةٍ ومستنقع، تماما كمياه عادمة "تزين" الشوارع والساحات، وبعض السياسة صورة عن ابتذال، مرآة لواقع مر، مرارة الخيبة والهزيمة والضَّلال.
فوَّاحةٌ فضائحنا كمزبلة تنفث الدخان سموما مشبعة بـ "أوكسيدات" الكيد الرسمي، مواقف وإجراءات فيها من العَسَفِ ما يندى له جبين الشمس، والشمس حُجت، صادرها التابع والمتبوع، الآمر والمأمور في لجج فئويات ساقطة، وفي ما لا يُعوَّلُ عليه لندنو من وطن بات أوهى من خيال.
عندما تمارس السياسة وإدارة بلد بروح صبيانية، بالحرد حينا والكيد أحيانا، فلا نتوقع أن يسود العدل والخير ونلج مسار التقدم والازدهار، وسنظل مغلولين بالأحقاد، مغلوبين بالقهر، أقصى أمانينا دولة ننتمي إليها بما يبقي الإنسان فينا حاضرا بقيم الخير والمحبة والعدالة والإنصاف.
الوطن ليس جغرافيا وأرض وتراب وحدود فحسب، وإنما هو ذاك الانتماء لكرامتنا المهدورة، ومن هاجروا لبنان، فتشوا عن كرامة سُلبت في موطن الأجداد، وما تزال تُسلب، طالما أننا نقصي أصحاب الكفاءة عن مواقع قدموا لها من أعمارهم وخدموا بشفيف مناقبهم، من التربية إلى البيئة إلى الصحة إلى كافة مرافق ومؤسسات الدولة.
من قال إن "الديوكسينات" هي الجزيئات السامة في ملوثات كيميائية نتعايش معها وهي تسرطن حياتنا، فهو لا يفقه شيئا في "علم الفساد"، ذلك ثمة "ديوكسينات" سياسية وإدارية أشد سمية، وأخطر أنواع التسمم فهو نتاج "ديوكسينات" الكيد الرسمي!