تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– محرر الشؤون السياسية
مع وصول الرئيس المكلف سعد الحريري الى بعبدا بعد ظهر اليوم، وبدء جتماع مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ، تكون أزمة تشكيل الحكومة قد سلكت مسارا جديدا، خصوصا وأن الاجتماع جاء استجابة لمعطيات فرضتها التطورات الأخيرة، بعد الوصول إلى قناعة ترسخت لدى الفرقاء المعنيين تفيد بأن التعطيل بات مجلبة لكوارث، لبنان في غنى عنها، ولا سيما ما "بشرتنا" به "ذا إيكونوميست" البريطانية من أن لبنان بات قريبا من الانهيار الاقتصادي، فضلا عن العامل الإقليمي الضاغط وتداعياته على مجمل الأوضاع في لبنان وبخاصة الاستحقاق الحكومي.
أما المسار الجديد فلا يعني أن التأليف بات على بعد أمتار قريبة أو في المتناول، فالأمور على حالها من حيث العقد، حصصا وتمثيلا، لكن اللقاء يمكن له أن يدفع الأمور خطوات إلى الأمام، دون استبعاد أن التسوية قد تكون ورادة ولا تنتظر إلا تظهيرها بتوليفة "الممكن"، وإن كان ذلك سابق لأوانه.
قدم الرئيس الحريري لرئيس الجمهورية صيغة حكومية جديدة، مؤكدا أنها "صيغة حكومة وحدة وطنية لا ينتصر فيها أحد على الآخر"، وأشار الحريري، بعد اللقاء إلى أن "كل الفرقاء قدموا تضحية بشكل ما، وعلى هذا الأساس انطلقت بهذه الصيغة"، معلنا أنها "صيغة مبدئية وتختلف كثيرا عن سابقتها"، ودعا الحريري إلى عدم استباق الأمور والتحلي بالإيجابية، مؤكدا تفاؤله الدائم بعد لقاء الرئيس عون "لأننا دائما ما نعمل من أجل البلد سويا"، وشدد الحريري على أن هذه الصيغة لا يملكها سواه ورئيس الجمهورية.
بعيدا مما تضمنته الصيغة الحكومية المقترحة، يأتي اللقاء في محاولة لتخطي المتعثر من حيث رؤية كل فريق لطبيعة الأحجام والحصص، أخذا في الاعتبار أن العقد اتسعت وما عاد من السهل حلحلتها، ومن هنا يأتي لقاء الرئيسين ليبني على الشيء مقتضاه لجهة تذليل العقبات، من خلال تقييم نتائج المشاورات ومن بينها الصيغة الجديدة المقترحة.
وما يؤكد حجم العراقيل غياب أية مواقف خلال اليومين الماضيين، وكان واضحا أن القوى السياسية المعنية تنتظر نتائج لقاء الرئيسين، لكن لا يمكن إلا التوقف عند موقف لافت للانتباه لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، شدد فيه على أن الرئيس المكلف هو الأحرص على صلاحياته التي تنص على حصرية تشكيل الحكومة بالتعاون مع رئيس الجمهورية، ولا حاجة الى فتاوى واجتهادات، بل إلى أمر وحيد هو التواضع والتنازل من كل القوى السياسية من اجل تسهيل تشكيل الحكومة العتيدة، مشددا على ان لا اجتهاد في معرض النص بصلاحيات الرئيس المكلف، فالنصوص الدستورية واضحة وصريحة، بأن لا مهلة محددة لتشكيل الحكومة.
من هنا، يتسلح الحريري بما أدلى به المفتي دريان، وقد لا يكون ما باب الصدف أن تتزامن مواقفه قبيل زيارة الحريري لبعبدا، بمعنى العودة إلى إشكالية الصلاحيات وتداخلها، وإن كان الأمر كذلك، فالأزمة ستطول أكثر، وبالانتظار تبقى الأمور الآن في عهدة الرئيس عون وما سيرشح من مواقف يمكن عندها تبني تصورات أكثر وضوحا بعيدا من ظلال التساؤل، على قاعدة تبني الجميع "توليفة" الممكن حكوميا، ذلك أن ما يتوخاه الفرقاء يظل خارج المتناول ولن يضيف إلا التعقيد في مسار أزمة مستقرة ومستمرة!