تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– أنور عقل ضو
"أجواء التفاؤل" السائدة منذ ليل أمس، وسط إجماع سائر القوى السياسية على وجوب الإسراع في تشكيل الحكومة، والتي عبر عنها أكثر من مرجع سياسي، تنتظر ترجمة عملانية انطلاقا من حركة الاتصالات واللقاءات المرتقبة من الآن حتى نهاية الأسبوع، لكن في المقابل، وإذا ما نظرنا إلى "أجواء التفاؤل" هذه، ولا سيما تلك التي عبر عنها زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري ، نجد أنها لا تعدو أكثر من كونها "إشاعة إيجابية" الهدف منها الترويج لمناخ يبدد حال التشنج لصالح التهدئة، أو في أحسن الأحول، مد المواطن بجرعة أمل تخفف عنه غائلة الانتظار، على قاعد المثل اللبناني المعروف "الموعود خير من المبعود".
ففي موازاة "حفلة" التفاؤل، طرأ أمس موقف للرئيس المكلف سعد الحريري أخذ منحى تصعيديا، عندما هدد بأنه سيأتي وقت ويسمي فيه من يعرقل التشكيل، وجاء موقف "كتلة تيار المستقبل" ليعضد رئيسها، فحذرت من خطاب يتعارض مع مفاعيل التسوية، داعية إلى الكف عن أساليب تخرب العلاقات الرئاسية، وهي قصدت ضمنا الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، ما يؤكد أن التصعيد ما يزال سمة مستحكمة في مجمل عناوين أزماتنا وتجلياتها ونتائجها، مع ما يرافقها من انعكاس سلبي على آلية تشكيل الحكومة.
يبدو أن التطور الدراماتيكي للأوضاع السياسية برمتها، انطلاقا من أزمة التأليف، أفضى للمرة الأولى إلى ما يشق على المتابع فهمه وتفسيره، خصوصا وأن الاختلاف تخطى كل القضايا السياسية وسائر عناوين الأزمة الحاضرة منذ ما ينوف على ثلاثة أشهر، ليشمل مفردة "التفاؤل"، ولنجد أن الاختلاف في وجهات النظر طاول التفاؤل عينه.
قد لا نستغرب غدا أن يكون الانقسام في لبنان بين فريق متشائم وآخر متفائل، وهذا يعني أننا على أعتاب مرحلة "سوريالية" بمعالمها وأبعادها، وإذا لم نشهد تحولا سريعا يمهد لولادة الحكومة، فسنصل حكما إلى مرحلة "تجريدية" تختلط فيها الألوان والظلال وتتداخل الأشكال والصور، وسيكون عصيا على أي متابع للشأن الداخلي أن يفك طلاسم سائر الأزمات الحاضرة أبعد بكثير من استحقاق حكومي.
ما يمكن الركون إليه وسط كل هذا الواقع المعطِّل للحياة السياسية، ويبدد قليلا الأجواء الضاغطة، أن ثمة من يعمد إلى إشاعة وبث أجواء التفاؤل، وهذه حسنة، لا بل هي بادرة خير أيضا تعني أن ثمة توقا للخروح من واقع سياسي ضاغط، ولو من باب استحضار التفاؤل كـ "إشاعة" ليس أكثر!