تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
لا شيء غير الملل، وحده يطغى على الساحلة الداخلية، حتى الكلام من العيار الثقيل، يبقى "ثقيلا" لا يزيد المشهد إلا رتابة، بعد أن أضجرتنا المواقف، وأسقمنا إعادة "علكها"، وقد بات أقرب ما يكون إلى "لتّ وعجن" على قاعدة المثل اللبناني المعروف، فالمواقف لا توحي بأن الوضع اللبناني مقبل على حالة من الانفراج السياسي يُتوج بإعلان تشكيل الحكومة، ومثل هذا الأمر غير وارد، وسنظل محكومين بالانتظار إلى أن يصطدم الجميع بجدار مواقفهم ويترنحوا تحت وطأة الملفات الداخلية والإقليمية الضاغطة.
يتوهم المسؤولون اللبنانيون أن العالم منشغل بملفاتهم، فيما كل الأنظار متجهة إلى ما بعد "قمة هلسنكي" بين الرئيس الروسي ورئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب، ومفاعيله المحتملة على سائر الملفات الدولية المطروحة، ولا سيما منها ما هو على صلة بسوريا وإيران إلى أوكرانيا وشبه جزيرة القرم وسباق التسلح، وغاب لبنان، إلا في حدود ما أكدته القمة على صعيد ملف عودة النازحين.
لم يعد لبنان واجهة المنطقة، فالتطورات المتصاعدة تبقي الأنظار شاخصة إلى الوضع في سوريا، والترتيبات غير المكتملة عناصرها بعد، ولا سيما على صعيد الجولان والقنيطرة، وسط تصعيد إسرائيلي تمثل أمس في غارات استهدفت العمق السوري، فضلا عن تصاعد الحديث عن مشروع إعادة النازحين السوريين في سياق خطة أميركية روسية ستكون ترجمة عملانية لـ "قمة هلسنكي".
لن ينظر العالم إلى أزمات لبنان، خصوصا مع تسارع الأحداث في سوريا، وانشغال الروس والأميركيين في بلورة تسوية، يبدو إلى الآن مؤجلة وسط إرباك الإدارة الأميركية، حيال الخلاف حول إبقاء الوجود العسكري في سوريا أو مقايضته بالوجود الإيراني، كأحد المخرجات من وجهة نظر أميركية، قد لا تتفق مع توجه الروس ورؤيتهم المختلفة في الكثير من النقاط مع نظرائهم الأميركيين.
يبقى أن لبنان سيظل أسير المراوحة على إيقاع ممل، فأزمة تشكيل الحكومة استهلكت وقتا كبيرا، ولا بوادر تشي بإمكانية تخطيها في وقت قريب، وكل الخوف أن نضطر لاستجداء تدخلات خارجية لحل عقد تشكيل الحكومة، وأن ينظم اللاعبون الإقليميون توزيع الحصص، خصوصا وأن أكثر ما يتقنه أولو الأمر، عندما تكثر الحوائط المسدودة، هو الاستقواء على الشركاء في الوطن من خلال وصي خارجي، علما أن أولوية ملفات المنطقة قد تضع أزمات لبنان، وإلى حين، في "ثلاجة" الإنتظار!