تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– محرر الشؤون السياسية
دخلنا مرحلة "الدلع" السياسي وانتهاج مسار الطرق المسدودة، لا تنازلات، لا تراجع ولا حلحلة تسهل ولادة الحكومة المتعثرة على كل الجبهات، فالأحجام ليس ثمة من يظهِّرها بدقة رسام ماهر، ولا بميزان صائغ عتيق، والخاص غلب العام في لعبة المصالح، والأمور إلى مزيد من العقد والتعقيد ووضع العصي في "الدواليب"، ولا تلوح في الأفق بارقة أمل تطفىء نار الهواجس، وتبرِّد الأسئلة المشتعلة.
حتى الآن، يمارس الجميع "ترفا" في غير أوانه، وكأن لبنان في منأى عن الأزمات، داخلية كانت أم خارجية، والصورة التي راحت تترسخ إقليميا ودوليا باتت شديدة الوضوح، لا يشوبها ضباب ولا غبار، وتؤكد أن لبنان عاجز عن تشكيل حكومة والسير قدما في مواكبة هموم ناسه، وعاجز أكثر عن رسم سياسات واضحة حيال التطورات في المنطقة، وينتظر عكازا أو أكثر لينهض من كبوة الاستحقاق الحكومي، أو كرسي نقالا ليتآلف مع عجزه عن الوقوف.
كما أن تفاصيل المواقف الداخلية، وبعضها يندرج في سياق "الدلع" عينه، تحجب رؤية التطورات الكبيرة التي تشهدها المنطقة، في مرحلة شديدة التعقيد، تفترض وجود سلطة قوية قادرة على مواجهة تبعات هذه التطورات، فالحرب في اليمن تتشظى أكثر ولبنان ليس في منأى عنها، على الأقل في حدود التأثير الإيراني – السعودي على الساحة المحلية، فيما المنطقة أيضا منشغلة بالقانون الذي أقره كيان الاحتلال الإسرائيلي حول الهوية اليهودية لكيانه، وقد أكد في خطوة جديدة تعقب اعتماد القدس عاصمة له، ابتعاده عن خيارات التسوية، وإغلاقه فرص التفاوض، فيما الحرب على غزة بين التصعيد ومساعي الهدنة.
وفي الملف السوري الأكثر التصاقا بلبنان، فقد بات من الضروري تبني سياسة موضوعية حيال فتح الحدود السورية مع الأردن والعراق كبوابات للترانزيت اللبناني نحو العراق والخليج، وجسور لتسويق الإنتاج اللبناني، في ظل اختناق الأسواق الداخلية بفائض زراعي وتجاري يبحث عن أسواق بعيدة.
أما في مقاربة أزمات لبنان الداخلية، ومع تشعب المشكلات الحياتية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والصحية، نستخلص عنوانا واحدا، للدلالة على أن "الدلع" السياسي بات متماديا في ترسيخ المراوحة بدلا من السعي لمنع تطور كارثة التلوث، وهذا العنوان واضح في تحول لبنان إلى مكب كبير للنفايات.
كل ذلك، يؤكد أن لبنان بات بحاجة لحكومة طوارئ تضم الخبراء وذوي الخبرة وأصحاب الكفاءات لمواجهة تحديات اللحظة من بوابة المنطقة ومن سائر ملفاته العاقة بين الفساد والفوضى، وإلا فالكارثة واقعة عاجلا أم آجلا!