تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
ليس ثمة من يراوده الشك في رغبة الرئيس العماد ميشال عون الصادقة بمحاربة الفساد أبعد من مجرد رفع شعار، لأنه السبيل الوحيد لولوج مرحلة الإصلاح الفعلي، وليكون التغيير سمة دائمة في مواجهة الفساد عينه.
في المقابل، ليس ثمة أي شعب في العالم يرضى الفساد بديلا عن الشفافية والمساءلة، لسبب بسيط وهو أنه المستهدف الأول من تبعاته، بكرامته أولا وماله ثانيا، فضلا عن أن الفساد ليس سمة عامة يمكن أن نسِمَ بها شعبا من الشعوب، لأنه مقتصر على حلقة مغلقة من الفاسدين في مراكز ومؤسسات الدولة، ولا يوجد مواطن يدفع رشوة عن رضى وقناعة لينجز معاملة، لكنه قد يصبح جزءا من حركة الفساد إذا لم يكن ثمة من يستند إليه في مواجهة ما يلحق به من ضرر وإذلال، أي الدولة المفترض أن تكون راعية لحقوقه ومصالحه، لا غائبة أو حامية لبؤر الفساد في مرافقها ومؤسساتها.
في تجديد الرئيس عون دعوته للبنانيين إلى مساعدة الدولة في مكافحة الفساد لأن لا إمكانية في انجاز اصلاح في مجتمع لا يتعاون شعبه مع دولته في مواجهة الفساد، نتلمس بعضا من أمل، لكن ليس إلى حدود أن نقتنع بأن هذا الأمر بات من الممكن تحقيقه.
لا يمكن أن ينخرط المواطن في معركة محاربة الفساد دون ترسيخ وتفعيل القانون والشروع في ملاحقة الفاسدين، كما أن اجتثاث الفساد لا يبدأ من القاعدة وينطلق منها صعودا، فالمشكلة في من يحمي الفاسدين، أي في طبقة سياسية شرعت الفساد عبر حماية وعدم السماح بمحاسبة موظف مرتش، لأنه ببساطة يتبع زعيما وطائفة.
ندرك كم هي صادقة دعوة الرئيس عون، كما أن المواطنين لا يمكن أن يخذلوه في ما يطلب منهم على جبهة مواجهة الفساد بسائر تجلياته، لكن ثمة قناعة ترسخت على مدى العقود تؤكد أن لا سبيل لمحاربة الفساد في ظل نظام تحكمه الطوائف، وهنا مكمن داء الفساد الأول والأخير!