تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
يعول بعض السياسيين على النتائج المترتبة على انتصار النظام السوري في الحرب الدائرة منذ سنوات عدة، وهؤلاء يقودهم الحنين إلى عهد الوصاية، خصوصا ممن يواجهون "بطالة سياسية" أقعدتهم عن ممارسة السياسة من بابها الواسع، وهذا ما بدأ يروج له البعض بالقول أن الموازين انقلبت، لكن لم يقرأ هذا البعض نتائج الحرب السورية قراءة صحيحة، وأقله أن هذا الانتصار ليس انتصارا للنظام فحسب، وإنما انتصار لروسيا أولا وأخيرا، وتاليا لإيران ومن ثم لـ "حزب الله" اللبناني، بمعنى أن معادلات الأمس القريب، ما عادت تصح اليوم، في ما عدا بعض الامتيازات الصغيرة لا أكثر.
و"حزب الله" اليوم ليس تابعا في خارطة السياسة السورية كما كان بالأمس، وإنما بات شريكا إلى جانب النظام، والعلاقة ستكون إلى حد بعيد ندية، دون إملاءات فوقية تبيحها الضرورات الأمنية والعسكرية، فضلا عن أن ثمة دورا لروسيا لا نظن أنه سينحدر إلى مستوى الانغماس في تفاصيل السياسة اللبنانية الصغيرة، كأن يقاتل الروس في سبيل "وزير بالزائد أو وزير بالناقص" في أي حكومة تتشكل في لبنان.
وسط المستجد على خط الصراع في المنطقة، يتحول "حزب الله" صمام أمان لاستقرار لبنان، بموقعه الشريك لا التابع، لكن الغريب أن من يحنون لزمن الوصاية لا ينظرون إلى دور الحزب المتنامي وتأثيره الإقليمي، فهم ما زالوا يحلقون في فضاء أحلامهم غير المستندة الآن إلى قراءة موضوعية لمستجدات السنوات الست الماضية، والتي تؤكد أن عقارب الساعة لا تسير إلى الوراء، وأن ثمة مسافة وبون شاسع بين الواقع والمرتجى!
في المقابل، لا يمكن فصل العامل السوري بالمطلق عن السياسة الداخلية في لبنان، بمنطق التاريخ والجغرافيا، لكن ليس إلى حدود ما كان قائما قبل الحرب السورية، فلبنان شريك في الانتصار السوري، وإن كان مثل هذا الكلام لا يعجب الكثيرين من الفرقاء اللبنانيين، لكن هذه حقيقة لا يمكن القفز فوقها، لبنان شريك بدماء أبنائه الذي قضوا في المواجهات وحموا النظام يوم كان آيلا للسقوط، وهم شهداء "حزب الله" في حضوره اللبناني قبل حضوره الإقليمي.
بالتأكيد هذا الانتصار ستكون له تبعات على مجمل الساحة الإقليمية، في سياق الصراع الشرق أوسطي، لكن ليس إلى حد الانغماس في أمور تفصيلية لبنانية، ولا ننسى أن أمام سوريا ما تزال ثمة تحديات أكبر بكثير من لبنان!