تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
"الثائر"
الآن، وقد وضعت القنبلة الايرانية في الثلاجة، من يتجرأ على الحديث عن القنبلة الاسرائيلية؟ منذ ان اغتيل جون كنيدي في 22 تشرين الثاني 1963، وصلت رسالة الموساد الى اكثر من بلاط: من يتكلم يسقط على الاقل او يقتل على الاقل...
حتى ان الايرانيين غضوا الطرف. تكفيهم «رقصة الشياطين» في تلة الكابيتول. سبق لمئير داغان وابلغ اكثر من مسؤول عربي بـ «ان قنبلتنا هي قنبلتكم». لا عدو الان، والى الابد، سوى ايران. اسرائيل اغتصبت ارض بلد عربي واحد ( مرتفعات الجولان ذهبت الى النسيان كذلك مزارع شبعا)، اما الايرانيون فهم يغتصبون اراضي اربعة بلدان عربية واكثر...
نحن الان تحت المظلة النووية الاسرائيلية. ثمة حاخامات هناك لا يتورعون عن وصف القنبلة بـ «قنبلة الله». لا بد ان تدق الساعة التي تتحقق فيها النبؤات التوراتية. ذاك الماشيح المخلص لا يأتي الا فوق الخراب الميتولوجي.
غريبة تلك الديانات التي لا تتوقع ان يهبط المخلص من السماء الا بعد ان تتحول الارض الى ارض يباب، كما هو عنوان القصيدة الشهيرة لـ ت.س.اليوت.
لسنا تحت المظلة النووية الاسرائيلية بل في القبضة النووية الاسرائيلية. كان الخبير الاستراتيجي الفرنسي الجنرال جورج بوي يحذر، ومنذ بداية الثمانينات من القرن الفائت، من «يوم القيامة» الذي يصنعه الحاخامات وليس الله. هو الذي لاحظ «النصوص العصبية» في التوراة، لاحظ «النصوص القاتلة» في التلمود. ألم يقل الفيلسوف الهولندي الفذ باروخ سبينوزا، وفي القرن السابع عشر، «لكأن الههم هو اله الجحيم فقط». لاحقوه الى البرتغال وطعنوه بالسكين...
القنبلة الاسرائيلية قنبلة صديقة، بل هي «قنبلتنا». هل يدري اولئك العرب ان غي موليه، وكان رئيس وزراء فرنسا وشارك في حرب السويس، هو من اهدى صديقه دافيد بن غوريون، وبجولات مكوكية لنائب وزير الدفاع آنذاك شمعون بيريس بين باريس وتل ابيب، مفاعل ديمونا؟
موليه فعل ذلك لكي يحطم الاسرائيليون جمال عبد الناصر الذي لم يكن فارسيا في اي حال. كان عربيا حقيقيا، ولا يزال في وجداننا، في بكائنا ايضا وايضا...
الاسرائيليون فاخروا بالمفاعل الذي اقيم في صحراء النقب التي احتلت بعد اعلان الدولة. قالوا انه الهيكل الثالث الذي لا يمكن لاي نبوخذ نصر بابلي آخر ولا لاي تيتوس روماني آخر تدميره. هو من صنع المعطف النووي لاسرائيل. المعطف الذي يتمنى حكام عرب الان ان يكون على اكتافهم، اكتافهم التي من خزف.
حين كان الاميركيون والايرانيون يعلنون المباشرة بتطبيق اتفاق فيينا لجهة رفع العقوبات، كان الاسرائيليون يحتفلون بتسلم الغواصة الاكثر تطورا من المانيا( المانيا العزيزة التي تستقبل لاجئينا). هي الغواصة الثالثة «احي- راهف» التي تحمل رؤوسا نووية وتستعصي على اكثر الرادارات تعقيدا. احتفلنا نحن لان الاسرائيليين ابلغوا من ابلغوا بأن الغواصة تحت تصرفنا...
لكننا مع التدهور الدراماتيكي في اسعار النفط، نتحول، كما اكتافنا، الى دول من خزف!
من يتابع تعليقات المستوطنين اليهود على العرب يلاحظ كيف يصوروننا كائنات بدائية( وهمجية) تدخن الاراكيل على سطح المريخ.غريب هل وصلنا على ظهور الابل الى سطح المريخ؟
هؤلاء اليهود الذين على خطى زئيف جابوتنسكي، وقد حذر منذ نحو قرن من انتقال عدوى البداوة الى اسرائيل. قال بحائط بين العرب واليهود. بالتالي تفتيت المنطقة طائفيا واتنيا. ها اننا ننفذ وصية جابوتنسكي (1923) بحذافيرها.
الغريب ان البعض في الغرب حين يتحدث عن العرب، وعبر الفوبيا اياها، يقولون عن ابي بكر البغدادي «هذا هو ماشيحهم المخلّص». متى يدرك السنّة و الشيعة الذين يتقاتلون بالسلاح الابيض، وبين المقابر، ان تنظيم الدولة الاسلامية ليس فقط كما وصفه ديفيد بولوك ساخرا بـ «اللعنة المقدسة».
صحيح انه من انتاج ثقافتنا، ثقافتنا الاخرى التي تراكمت في داخلنا على مدى قرون بفعل القهر والترويع والجهل. الصحيح اكثر، ورغم كل مساوئنا ان اكثريتنا سنّة وشيعة لا نشبه ذاك الخليفة، وحيث البربرية القصوى. الابن يعدم امه لانها تتوسل اليه بدموع عينيها العودة الى... عينيها.
لا يعنينا النظام في سوريا، ولطالما تحدثنا عن مثالبه، ولا يعنينا النظام في العراق، وحيث الفساد العظيم. تعنينا، في هذه اللحظة، الدولة في سوريا والدولة في العراق، وقد لاحظنا كيف «تدغدغ» القوى العظمى تنظيم «داعش» بالقنابل لكي يبقى، ويبقى، ويبقى، السكين في ظهرنا.السكين في لاوعينا...
الروس قالوا كلمتهم «القضية في سوريا هي قضية الدولة لا قضية النظام»، لكننا نصرّ على ان النظام هو القضية. لم ندرك حتى الان ان سوريا هي بوابة الحروب الكبرى(لاحظوا ماذا حدث لتركيا) مثلما هي بوابة هي بوابة التسويات الكبرى. آن لتماثيل الشمع ان تنظر حولها!!
نبيه البرجي