تابعنا عبر |
|
 |
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه

#الثائر
الخبير باسلحة الدمار الشامل والقانون الدولي اكرم كمال سريوي -
للمرة الثانية اجتمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمستشاريه في مجلس الأمن القومي، في المقر الخاص بإدارة أمريك للحرب، ليس ليناقش مسألة دخول أمريكا الحرب على إيران إلى جانب إسرائيل، فهذا الأمر حصل منذ اليوم الأول للحرب، وهو يقول "نحن نسيطر على سماء ايران الآن". لكنه طلب من كبار ضباطه تأكيدات، حول فعالية قنابل GPU-57 وقدرتها فعلاً على تدمير موقع "فوردو" الإيراني لتخصيب اليورانيوم، الواقع على عمق أكثر من ثمانين متراً تحت الأرض.
لا يشك أي خبير عسكري (لا اتحدث طبعاً عن خبراء الشاشات، الذين يحصلون على بعض المعلومات عن غوغل، ويزودون الجمهور بمعلومات منقوصة وغير دقيقة، بل أقصد الخبراء الحقيقيين الذين يعرفون تفاصيل تقنية مهمة، حول قدرات سلاحي الجو والصواريخ) بأن الطيران الأمريكي والبريطاني شاركا في الهجوم على إيران، منذ اللحظة الأولى، وأن التشويش على منظومات الدفاع الجوي الإيراني، نفّذته طائرات الاستطلاع الامريكية، وأن كثافة الضربات، وهذا العدد من الطائرات والغارات اليومية الكثيفة، برحلات على مسافة أكثر من ثلاثة آلاف كلم ذهاباً وإياباً، هي أكبر بكثير من قدرات سلاح الجو الإسرائيلي، باعتراف نتنياهو، الذي قال منذ أشهر أن "إسرائيل لا تملك حلاً في مواجهة اليمن، بسبب بعد المسافة، وتعتمد على أصدقائها في مواجهة الحوثيين"، فكيف لها أن تملك حلاً في مواجهة إيران!!!؟
الهجوم الثلاثي على دولة عضو في الامم المتحدة، بحجة منعها من امتلاك سلاح نووي، أعلنت هي مراراً وتكراراً أنها لا تريده، وكانت قد وقعت على اتفاق، يسمح لمفتشي الوكالة الدولية، بالدخول والتفتيش والمراقبة الدائمة، في كل مواقع ايران النووية، لا يمكن وصفه سوى بالعدوان.
إن هذا الهجوم أطاح بكل النظام العالمي، والقوانين الدولية، ومؤسسات الأمم المتحدة، وألغى مجلس الأمن، لصالح القطب الواحد، واتخاذ قرارات السلم والحرب الدوليين، في البيت الأبيض بدل مجلس الأمن.
هذا الهجوم الثلاثي على إيران هو تحدٍّ لكل دول العالم، وخاصة روسيا والصين، اللتين وقفتا تتفرج على ما يحدث، وهما عاجزتين عن فعل أي شيء لردع أمريكا وإسرائيل، وما حصل هو رسالة أمريكية لكل دول العالم، خاصة العربية والشرق اوسطية، على ما سيكون عليه النظام العالمي الجديد.
فأمريكا تقول "إذا كان هناك من يحلم بمعارضة أمريكا وإسرائيل، عليه أن يتوقف عن ذلك، قبل أن يتم القضاء عليه، واستباحة بلاده".
أمًا شكل الاستعمار الجديد، فهو يفرض على رؤساء الدول الغنية، تقديم ضريبة 50% من ثروات بلادهم لأمريكا، هذا إذا أرادوا الحفاظ على مناصبهم وأمن بلادهم، وإلّا سيواجهون الفوضى، ومصير؛ صدام حسين، ومعمر القذافي، وفي أفضل الحالات مصير بشار الاسد.
يسود الغموض كل تصريحات دونالد ترامب، لكنه بعد انتهاء الحرب سيكشف عن مساهمته فيها، ويتباهى بأنه خاض هذه الحرب وحقق نصراً على إيران.
قد يكون نصر ترامب مشابهاً لنصره على الحوثيين، الذين اتفق معهم على وقف تبادل القصف ثم وصفهم بالشجعان، لكن هذا غير مهم في قاموس الرجل، الذي اعتاد تقديم وعود كثيرة، لا يتحقق منها شيئاً، لكنه ينجح أن يخدع بها الأمريكين والعالم.
وقد يسأل البعض لماذا لم يعلن ترامب أنه هو من بدأ هذه الحرب وليس إسرائيل، والجواب واضح، فهو اطاح بمجلس الأمن الدولي، ولا يريد قول ذلك، لانه قد يحتاجه كاداة في يده يوماً ما.
والسبب الثاني هو أن لدى أمريكا 43 قاعدة عسكرية على مقربة من إيران، تضم قرابة خمسين الف ضابط وجندي، أكبرها في قطر 13000 جندي، وفي الكويت ست قواعد بعديد 13.500 عسكري، وفي البحرين ثلاث قواعد بعديد 9000 عسكري، وثلاث قواعد في الإمارات بعديد 5000، وخمس قواعد في السعودية بعديد 3000، وأربع قواعد في الأردن بعديد 3000، وسبع قواعد في العراق بعديد 2500, و كذلك باعداد اقل في كل من تركيا وسوريا وسلطنة عمان
إضافة إلى حاملة الطائرات "فينسون" المتمركزة قبالة سلطنة عمان، وحاملتي الطائرات "تروكستون" و "شيرمان" الموجودتان في البحر الأحمر، وحاملة "نيميتز" التي الغت رسوها قرابة فيتنام، واتجهت منذ ايام غرباً إلى منطقة الشرق الاوسط.
بعد فشل منظومة الدفاع الجوي الامريكية من نوعي "باتريوت" و "ثاد" اضافة إلى منظومات "ارو" و "مقلاع داوود" و "القبة الحديدية" في حماية إسرائيل، ومنع وصول الصواريخ الإيرانية الفرط صوتية إلى أهدافها، باتت خشية أمريكا من تعرّض قواعدها، للاغراق الصاروخي والتدمير من قبل إيران أكثر من حقيقية.
فإذا كانت إيران تملك عدداً بحدود الفي صاروخ بالستي بمدى يفوق الف كلم قادرة على الوصول الى إسرائيل، فإنها تملك عشرات آلاف الصواريخ قصيرة المدى، والقادرة على الوصول إلى كل هذه القواعد الأمريكية في منطقة الخليج العربي والمحيط.
ما زال مشهد استهداف إيران لقاعدة عين الأسد الأمريكية، الذي جاء رداً على اغتيال قاسم سليماني، ماثلاً في أذهان الجنود والضباط الأمريكين، وهم يعلمون أن لا قدرة لتلك القواعد الأمريكية على تفادي الخسائر في الأرواح، في حال اندلاع مواجهة مباشرة مع إيران.
لهذه الاسباب قرر ترامب الاختباء خلف نتنياهو، وعدم إعلان مشاركته في الحرب، وهو ينتظر اللحظة الحاسمة التي سيقوم بها بقصف "فوردو" لتجربة القنابل الأمريكية الخارقة للحصون، لكنه يريد أن يضمن عدم رد إيران، ويخطط أن يخرج ويعلن فوراً بعد قصف فوردو، انتهاء الحرب وسيطلب من إيران عدم الرد ويدعوها إلى المفاوضات وتوقيع اتفاق.
ربما على الصحافيين توجيه سؤال وحيد إلى دونالد ترامب، وهو السؤال الذي وجه سابقاً الصحافي تاكر كارلسون إلى السيناتور الجمهوري تيد كروز: هل تعرف عدد سكان إيران؟ كيف تريد أن تغزو إيران وانت لا تعرف عدد سكانها؟
هل استفاد ترامب من تجربته بقصف الحوثيين وفشله في تحقيق اهدافه التي اعلنها؟ وهل يدرك أن القصف الجوي مهما كان عنيفاً وطال امده لن يحقق النصر الحاسم؟
هل يمكن لإيران أن تعلن استسلامها لمجرد قصف أمريكا ل"فورد" أو غيرها من منشآت نووية؟
هل يدرك ترامب أن قصف المنشآت النووية الإيرانية، خاصة المفاعلات النووية مثل مفاعل "بو شهر"، قد يكرر مأساة "تشرنوبيل" ويتسبب بكارثة، وتلوث نووي ستطال كل دول الخليج العربي، وقد تمتد آثاره إلى دول أخرى؟؟؟
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن مصانع ومخازن الصواريخ الايرانية موجودة في عمق الأرض، وما زالت سليمة، مما يعني أن إيران قادرة على الصمود لفترة طويلة وهي لديها قدرة على اغلاق مضيق هرمز، واغراقه بالالغام البحرية، ومحاصرة القواعد الأمريكية في الخليج .
فهل يتنبه الأمريكيون لذلك؟.
لا يمكن التنبؤ بسلوك ترامب وبماذا يمكن أن يقنعه رفيق دربه وحبيبه نتنياهو، لكن لا شك أن العالم بات يعاني هذا الصلف السياسي واستسهال حل كل شيء بالقوة، وفق نظرية نتنياهو وترامب، وقد تحمل الايام القادمة كارثة حقيقية للمنطقة والعالم.
مهّد الامريكي لتبرير دخوله هذه الحرب عندما قال البيت الابيض "أن إيران يمكنها امتلاك سلاح نووي في غضون اسبوعين". وهذا الكلام يذكرنا ب انبوب كولن باول، الذي حمله في مجلس الامن، كدليل على تصنيع العراق لاسلحة نووية، وتذرعوا بذلك لمهاجمة وتدمير العراق.
لا يمكن التنبؤ بسلوك ترامب ونتنياهو، لكن لا شك بأن مؤشرات بدء قصف قاذفات القنابل B-2 على إيران أصبحت واضحة جداً، واندلاع مواجهة كبرى بات قاب قوسين (أو يومين).