تابعنا عبر |
|
 |
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه

#الثائر
- المحامية مريان شهاب الراعي
في جلسة تشريعية طال انتظارها، أقرّ مجلس النواب اللبناني تعديلًا بالغ الأهمية على المادة ٧١ من قانون العقوبات، لتشديد العقوبات على من يُقدم على إطلاق النار العشوائي، وهي ظاهرة خطيرة لطالما حصدت أرواح الأبرياء وخلّفت إصابات جسيمة ودائمة لمجرد استعراض سلاح أو تعبير عن فرح أو غضب.
أولًا: بحسب التعديل الجديد أصبحت العقوبات تدريجية بحسب الضرر
ينص التعديل الجديد على ما يلي:
•الفقرة أ: كل من أطلق النار في الهواء لأي سببٍ كان، سواء من سلاح حربي مرخّص أو غير مرخّص، يُعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، وبغرامة تتراوح بين ثمانية إلى عشرة أضعاف الحد الأدنى للأجور.
كما يُصادر السلاح في جميع الحالات ويُمنع الجاني من الحصول على رخصة سلاح مدى الحياة.
•الفقرة ب: إذا تسبب إطلاق النار بإصابة تؤدي إلى تعطيل أحد الأشخاص عن العمل لأقل من ١٠ أيام، ترتفع العقوبة إلى الحبس من تسعة أشهر إلى ثلاث سنوات، وغرامة من عشرة إلى خمسة عشر ضعف الحد الأدنى للأجور.
•الفقرة ج: إذا تجاوز التعطيل ١٠ أيام، تُصبح العقوبة من سنة إلى ثلاث سنوات حبسًا، بالإضافة إلى نفس الغرامة.
•الفقرة د: في حال تسبب إطلاق النار بإعاقة دائمة، أو بتر طرف أو حاسة، أو تشويه جسيم، يُعاقب الجاني بالأشغال الشاقة المؤقتة لغاية عشر سنوات، وغرامة من ١٥ إلى ٢٠ ضعف الحد الأدنى للأجور.
•الفقرة هـ: إذا أدى الفعل إلى الموت، تُفرض عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة من ١٠ إلى ١٥ سنة، مع غرامة تتراوح بين ٢٠ إلى ٢٥ ضعف الحد الأدنى للأجور.
ثانيًا: خطوة على الطريق الصحيح ولكن؟؟؟!!!!
لا شك أن تعديل هذه المادة يمثّل نقلة نوعية في التشريع اللبناني، ويعكس اعترافًا رسميًا بخطورة إطلاق النار العشوائي، بعد سنوات من الاستخفاف بدم الناس وبسلامة المجتمع.
لكن الحقيقة المؤلمة تبقى أن القانون وحده لا يكفي. فكم من قانون وُضع، ثم سقط أمام "الواسطة"، و"المحسوبيات"، و"الغطاء السياسي"، و"رخص السلاح الممنوحة لمحاسيب من دون أي معيار قانوني"؟
إنّ ظاهرة السلاح المتفلّت في لبنان باتت خارج السيطرة، تتغلغل في الأحياء، الأفراح، المآتم، وحتى في النزاعات العائلية اليومية، وكل ذلك في ظل وجود:
•سلاح غير شرعي متداول بلا رادع.
•رخص سلاح ممنوحة "لناس براس وناس بلا راس"، أي لأشخاص محظيين بحماية سياسية أو حزبية، فيما يُرفض طلب مواطن آخر بلا أي سبب وجيه.
هذا الواقع المشين يُفرغ القانون من مضمونه، ويُحوّل التعديلات التشريعية إلى مجرد حبر على ورق، ما لم يترافق مع:
•تطبيق صارم لا استثناء فيه.
•ملاحقة فعلية لكل مخالف، أكان مواطنًا عاديًا أو محسوبًا على جهة نافذة.
•سحب فوري لرخص السلاح غير المبررة، ومراقبة الآلية التي تُمنح بموجبها هذه الرخص.
ثالثاً: نريد "عِبرة" لا "غطاء"
الناس لا يريدون قوانين فقط، بل يريدون أن يروا عبرة. أن يُحاسب مطلق النار، أن يُمنع المتنفذ من الإفلات، أن يشعر المواطن بأن دمه لا يُستباح لأن أحدهم يحتفل أو يغضب. فالأمن لا يُصان بالشعارات، بل بتطبيق العدالة على الجميع دون استثناء.
وختاماً، نحيّي المجلس النيابي على هذا التعديل، لكن نُطالب السلطة التنفيذية والأمنية والقضائية بأن تطبّق هذا القانون بلا تردّد أو محاباة، وأن تضع خطة وطنية شاملة لمكافحة السلاح المتفلّت، وإعادة هيبة الدولة وسلطة القانون، حتى لا يُصبح موتنا "خطأ فرديًا"، ودمنا "سقطة غير مقصودة" جديدة.