تابعنا عبر |
|
 |
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه

#الثائر
كتبت يارينا ناغو -
تمرّ ثمانون عامًا على اللحظة التي سكتت فيها مدافع الحرب العالمية الثانية، وتوقّفت القوات الغازية عن احتلال أراضٍ أجنبية، حين ظنّ قائد عدواني أن من حقّه تغيير الحدود ومحو شعوبٍ بأكملها في معسكرات الاعتقال.
بدا حينها أنّ البشرية، بعد كلّ ما ذاقت من ألم وخسائر – وفي مقدمتها الحياة – قد تلقّت مناعة ضدّ تكرار الكارثة.
وعلى مدى عقود، تكرّرت على ألسنة القادة عبارة: "لا يجوز إرضاء المعتدي"، لكنّ العالم غفا عن نشوء معتدٍ جديد، أشدّ قسوة وخرقًا للقانون الدولي – زعيم روسيا المعاصرة.
لقد أصبحت روسيا الحديثة كابوسًا جديدًا لأوروبا، وأولاً لأوكرانيا. هذه الدولة تعيد كتابة التاريخ على طريقتها، وتحتكر النصر في الحرب العالمية الثانية لنفسها، مُهمّشةً مساهمات الشعوب الأخرى في دحر الفاشية. واليوم، يسعى بوتين لتبرير عدوانه على أوكرانيا باعتباره امتدادًا لمحاربة الفاشية، حيث تقمّصت الرواية الروسية واقعًا مقلوبًا يُصوَّر فيه الأوكرانيون كـ"فاشيين" والروس كمحرّرين.
لكن "المحررين" هؤلاء هم من عبروا حدود دولة ذات سيادة بالدبابات والطائرات، ومنذ أربع سنوات وهم "يحرّرون" مواطنيها من الحياة.
لقد اجتاحت الحرب العالمية الثانية أوكرانيا من الغرب إلى الشرق، ثم من الشرق إلى الغرب، ودفعت أوكرانيا أثمانًا باهظة، فقدت خلالها أكثر من 8 ملايين من أبنائها.
ولهذا، في الثامن من أيار، وبينما تُدمَّر مدنهم وتغمر الدموع أعينهم، ينحني الأوكرانيون مع العالم بأسره مردّدين: "لن يتكرر أبدًا!"، فيما يواصلون التصدي للفاشية المعاصرة القادمة من روسيا.
وفي الوقت ذاته، يحتفل الروس بصخبٍ وهتاف، يُلبسون أطفالهم زيًّا عسكريًا، ويصرخون: "يمكننا التكرار!". نعم، بإمكانكم فعلها مجددًا – قصف المدن، خطف الأطفال، اغتصاب النساء، ثمّ السير في الاستعراضات تحت تصفيق جمهور مسعور. هذه هي "انتصاراتكم"، وأبطالكم هم مجرمون، و"بطولاتهم" جرائم ضد الإنسانية.
على العالم أن يرى الوجه الحقيقي لروسيا، وأن يُحاسبها على جرائمها، لا أن يقف إلى جانبها في الساحة الحمراء، ولا أن يسعى لمهادنتها أو النظر في عيون قادتها – تلك العيون التي لا تحمل إلا القسوة والعطش للحرب.
رمز الذكرى في هذا اليوم هو زهرة الخشخاش الحمراء، التي تُجسّد ذكرى ضحايا كلّ الحروب. وأوكرانيا اليوم مزروعة بزهرة الخشخاش – صغيرة كانت أم كبيرة... إنها ثمن الحرب التي أشعلتها روسيا البوتينية.