تابعنا عبر |
|
 |
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه

#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
لا يحتاج الدروز إلى شهادة في عروبتهم وإسلامهم، فإن تاريخهم وحاضرهم يشهد لهم على ذلك، لكن هذه الأقلية المسلمة عانت منذ زمن، من اتهامات المتطرفين الإسلاميين، ودعاة الفتنة في الاسلام، الذين أصدروا فتاوى التكفير، واتّبعوا نهج الضلال والتضليل، لزرع الشقاق، وبث الفراق، واعتمدوا النفاق، وألحقوا الضرر الفادح بالعروبة والاسلام والمسلمين.
مجدداً اليوم يجد الدروز أنفسهم في سوريا، بين مطرقة التكفيريين وسندان إسرائيل، المنتظرة على أحرِّ من الجمر، لإشعال نار القتال والاقتتال المذهبي، والدخول من هذا الباب، لتقسيم سوريا وتفتيتها، والانتقام من شعبها، الذي واجه مشاريع هيمنة إسرائيل والغرب لسنوات.
تتمتع إسرائيل بقدرات كبيرة، ليس فقط على مستوى التكنولوجيا والتسليح، بل في مجال الدعاية والإعلام والتلاعب بعقول الشعوب، وخاصة العرب منهم.
نجحت إسرائيل في إقناع العالم، بأنها مظلومة، وأنها ليست قوة احتلال، بل صاحبة الأرض وتدافع عن نفسها، في مواجهة خطر الزوال، ونسفت مفهوم الحق وشرعية المقاومة الفلسطينية، ووسمت من يعادي إسرائيل بالإرهاب.
والأخطر من كل ذلك أن إسرائيل نجحت في إقناع بعض العرب، أنها صديق ودود وحليف مخلص، وأن عدوهم المشترك هي إيران، وذهبت أبعد من ذلك لتبث الفتن الطائفية بين مذاهب الإسلام، عبر دعمها لجماعات متطرفة ومرتزقة، قاموا بتشويه صورة الإسلام، وعززوا مشاعر الحقد والكراهية، وها هم اليوم يُشعلون سوريا بالمجازر والدعوات لاقتلاع؛ الدروز، والعلويين، والشيعة، والمسيحيين.
فئة ضالة ومُضلَلة، تدعو إلى القتل والإبادة، وتُثير أحقاداً مذهبية، لمجرد سماع تسجيل صوتي مفبرك بادوات صهيونية، وغايات لا تخفى سوى على الجهلة المتخمين بالتعصب، والمُغرقين في التكفير.
فجأة وجد الدروز أنفسهم في سوريا، أمام سلطة ضعيفة، عاجزة عن حماياتهم، من شر فصائل تكفيرية خارجة على القانون، وغير معروف من يحركها ويدفع لها، لإحراق سوريا وإدخالها في نفق الحروب والتشرذم والانقسام، وعلى المقلب الآخر، عدو قوي، يسعى لاستخدامهم كورقة مساومة على مستقبل سوريا، ويعمل إلى سلخهم عن محيطهم العربي، تحت شعار تقديم الحماية لهم، ومنع الإبادة عنهم.
لقد قلت في مقال سابق، أن ما يجري في سوريا يتعدى الجغرافيا السورية، ليطال كل دول المنطقة، ويبدو أن أقصر الطرق إلى ذلك، إشعال فتيل حمام الدم المذهبي السوري، الذي سيجري سريعاً نحو الجهات الأربعة، بما يريح إسرائيل ويخدم هيمنتها على الإقليم.
لم يطلب الدروز الحماية من إسرائيل، ولن يفعلوا ذلك، لكن لا يمكن إلقاء اللوم عليهم، وهم يواجهون دعوات الضالين، لقتلهم وابادتهم، واقتلاعهم من أرضهم وقراهم وبيوتهم، واغتصاب نسائهم، وسبي بناتهم، وذبح أطفالهم.
الدروز هم الحلقة الأضعف في هذا الصراع، والمسؤولية تقع على عاتق الدولة السورية ورأس السلطة في دمشق، الذين عليهم أن يتحركوا بسرعة، لمنع مخطط تقسيم سوريا.
التحرك اللازم ليس لاخضاع الدروز، المتمسكين بهويتهم العربية والسورية، أو للانتقام منهم أو مَن العلويين أو المسيحيين أو من غيرهم من الاقليات، بل يجب التحرك لوقف الاعتداءات عليهم، واقتلاع أصحاب الفتنة المذهبية وعشاق الدم.
يجب الاسراع في بناء دولة سورية لكل السوريين، تراعي التنوع وتحترم حرية الرأي والمعتقد، وتجعل كل السوريين مواطنين متساويين، فخورين ببلدهم وبدولتهم، وليس تحويلهم إلى مجرد جماعات مذهبية متناحرة، تتحين الفرصة لينقض بعضها على بعض.
فعندها سيُقال، لقد استبدلت سوريا نظام استبداد الاسد باستبداد آخر، أشد فتكاً وأكثر دموية، ولقد دمر سوريا بدل أن يبنيها.