تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– أنور عقل ضو
أكثر من شوه مهنة الصحافة وأوصلها إلى حضيض المصالح أهل الصحافة أنفسهم، بشحمهم ولحمهم، أو بمعنى أدق أولئك الذين لا ينتظرون راتبا من مؤسسة إعلامية، واستعاضوا عن الراتب الضامر بعطايا وتقديمات وإكراميات ومخصصات من ذوي السمعة الحسنة، وتحديدا من بعض مسؤولين يشترون الذمم ويبعيونها في سوق مواقفهم، ولا يجدون في ذلك غضاضة، ظنا منهم أنهم يراكمون رأيا عاما لصالح ما تبنوا من خيارات وسياسات، والمشكلة أن أسوأ الإعلاميين (ولا نعمم) هم أولئك الذين تحولوا "نجوما" في برامج "التوك شو" المسائية، وفي المحطات الصباحية التي غالبا ما تستهدفنا بـ "سمات بدن" تقودنا أحيانا إلى الكفر بالإعلام وبالإعلاميين ونحن منهم!
نقول هذا الكلام براحة لأننا من أهل البيت ونحن أدرى بكل ما فيه من غث وسمين، وحال الإعلام يصح على ما هو قائم في مجالات كثيرة، فعلى سبيل المثال أكثر من يسيء للمرأة بعض النساء المتسنمات مواقع وهن في الحد الأدنى تابعات خانعات، وأكثر من يسيء إلى سمعة قطاع ما هم بعض العاملين فيه، والصحافة ليست استثناء، وهي محكومة دائما، كما غيرها، بصراع سيظل ماثلا بين معادلتي الخير والشر، فأزلية هذا الصراع تفرض حضورها في سائر الدول والمجتمعات، ولكن في لبنان ثمة ما هو "أوفر دوز" والعوارض الجانبية يتحملها المواطن.
صحيح أنه في مجال الصحافة يصح القول صراحة ان "دود الخل منو وفيه"، لكن في وجه عام، وكما أسلفنا في مقالات سابقة، بعض الصحافة اللبنانية ليس بأكثر من مرآة تعكس واقعا سياسيا محكوما بالفساد حتى أجل غير مسمى، وثمة من يعتدي على أخلاقيات وآداب المهنة، من نافذين وسياسيين أو مشاريع سياسيين، ويسعى على الدوام إلى مصادرة هذه الأخلاقيات ليظل متصدرا الصحف والشاشات والمواقع وليظل صوته صادحا في الإذاعات.
لسنا لندافع عن الإعلام، فعلى الأقل نحن ننتقد مهنة ارتضيناها بكل التعب والسهر، ولم نداهن، لكن أن تتحول الصحافة في لبنان من مهنة المتاعب إلى مهنة المكاسب، فذلك يطرح علامات استفهام كثيرة، ولا يعني ذلك أن بعض أهل المهنة هم من أساء إليها فحسب، وإنما بعض الطبقة السياسة الساعية دائما لتلميع صورتها، وإزاء من يمارس المهنة بكبر وأنفة ولا يمد اليد ولا يستجدي، ثمة من لا يتحرجون طلبا وتسولا.
كل ذلك يفضي إلى أننا نعيش انهيار القيم في الصحافة وأبعد منها، وهذا حالنا إلى أن نشعر أننا في رحاب دولة وقرب تخوم وطن محصن بقيم وقانون وعدالة ومناقب!