تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
بلغَ الخوف من فيروس كورونا حالة لم يسبق لها مثيل في معظم دول العالم، وتوقف نشاط الكوكب، وتغيّرت العادات والكثير من أنماط عيش البشر. وهذا الخوف وحده كفيل بقتل مئات الآلاف، إذا لم نقل الملايين .
لو بحثت عن فيروس الإنفلونزا، ستجد أنه ينتقل عن طريق العطس، والسعال، ومجالسة شخص مصاب، وأنه يُصيب الجهاز التنفسي. وأن عدد الوفيات السنوية في العالم بالأنفلونزا، يفوق ما يُحدثه فيروس كورونا المستجد covid-19 بأضعاف. فلماذا هذا الرعب من كورونا؟ وهل هناك حقائق مخفية؟
استمرت عدة دول مثل بيلاروسيا، والبرتغال، وكوبا، وكوريا الشمالية، بنشاطها المعتاد، وبعضها لم يوقف الدراسة في المدارس، وحتى الإصابات بفيروس كورونا قليلة جداً فيها. واستعادت الصين، وكوريا الجنوبية نشاطهما، وتوجهت لجنة علماء الطب في روسيا، برسالة الى الرئيس بوتين، طالبته فيها باستمرار عجلة الحياة الطبيعية، ووقف الاٍرهاب النفسي الذي تتم ممارسته في العالم على المواطنين .
قال الرئيس دونالد ترامب، أن ما قد ينتج عن توقف عجلة النشاط الأقتصادي، سيكون كارثياً، ونتائجه أخطر بكثير من نتائج فيروس كورونا، فوجّه إليه خصومه سهام الإنتقاد، معتبرينه رجل أعمال، يضع المال قبل صحة المواطنين. وعاد أمس فوجّه ما يُشبه الإنذار بأن عدد الوفيات في أمريكا قد يصل الى مئتي الف، رغم أن آخر الدراسات، أفادت عن نجاح دواء الكلوروكين الذي كان يُستعمل في علاج المالاريا، بنسبة عالية جداً، في معالجة وشفاء المرضى بفيروس كورونا المستجد covid-19.
ستنجلي الحقيقة قريباً، فالزمن هو أصدق المتكلمين. وستتكشّف تباعاً الأهداف السياسية، والإقتصادية، خلف هذا الإرهاب النفسي، الذي أطلقته القوى العظمى، وأستغلت فيه خطر إنتشار الوباء، بغية تحقيق مصالحها ومكاسبها المالية، على حساب الأمان والإستقرار العالمي.
صحيح أن الصين، متأخرة في الميزان العسكري، عن الولايات المتحدة الأمركية وروسيا، بمقدار عشر سنوات على الأقل، إذا لم نقُل أكثر. ولكنها بفضل النظام الشيوعي أمنياً والنصف ليبرالي اقتصادياً، الذي لقي الدعم الغربي منذ ثمانينيات القرن الماضي، لانتزاعِها من حضن الإتحاد السوفياتي، تمكّنت من الصعود إلى أعلى درجات السلّم، وباتت تُسيطر على 28,1%من الاقتصاد العالمي، بناتج محلي يِقدّر ب 14,14 ترليون دولار، وبلغت صادراتها إلى الولايات المتحدة 418,5 مليار دولار، مسجّلةً فائضاً لصالحها بقيمة 295,8 مليار دولار .
قال الرئيس الصيني شي جين بينغ، للقمة الافتراضية الاستثنائية، لقادة مجموعة العشرين بشأن كوفيد-19، إن الصين ستُسهم في اقتصاد عالمي مستقر، من خلال مواصلة دفع الإصلاح والانفتاح، وتوسيع الوصول إلى الأسواق العالمية. وكانت الصين اتّخذت عِدّة خطوات، للمحافظة على تقديم منتجاتها بأرخص ثمن، في الأسواق العالمية، فخفضت قيمة اليون، ثم قامت بإعفاء 12 الف شركة مصدّرة، من نسبة 1,3 % من الضريبة، مما سيسهم في عودة النمو للاقتصاد الصيني .
يستبعد الكثيرون، نظرية المؤامرة على الصين، لأن الوباء أصاب معظم دول العالم. لكن ما سيظهر لاحقاً، من عودة للمصانع إلى أمريكا وأوروبا، ونقل قسم آخر الى الهند، سيوضح الكثير من خفايا هذا التجييش الإعلامي، وتضخيم حالة الهلع العالمي، الغير مسبوقة من خطر كوفيد-19، بالرغم من تأثيره على الأشخاص قليلي المناعة، ورغم أن نسبة الوفيات لم تتجاوز 3% من الذين أُصيبوا به .
اعتباراً من مطلع حزيران المقبل، ستبدأ الحياة بالعودة تدريجياً إلى معظم دول العالم، وبعد مدة، قال الرئيس الأمريكي أنها قد تمتد إلى سنة ونصف، سيُصبح كل ما شهده العالم من رُعب، مجرد ذكرى شبيهة بذكرى مرض سارس وغيره .
أمّا في لبنان، فيبدو أن الحكومة مُنشغِلة بمعركة حجر اللبنانيين في منازلهم، وتُراقب عدّاد الإصابات بالفيروس، متناسيةً مخاطر الأزمة الاقتصادية، وهموم الناس المعيشية، خاصة بعد أن خمدت حركة الاحتجاج الشعبي، بسبب الخوف من الوباء .
وفي خضم الأزمة، وبعد أن امتنعت الحكومة عن تسديد الديون المستحقة، مرّرت قراراً بدفع مبلغ 625 مليون دولار، لأنشاء سد بسري، متذرعةً بأنه قرض من البنك الدولي، سيُسهم في ضخ السيولة في السوق اللبنانية، متجاهلةً أن الشركتين التركيتين المتعهدتين، ستأخذان الأموال إلى تركيا، وليس إلى المصارف اللبنانية .
أما متعهد المشروع داني خوري، الذي سبق أن تعهد سد بقعاتا ومطمر برج حمود، فهو يصف التزامه الجديد، بصفقة العمر، فيما يصفه البعض بأنه واجهة للمتعهد الحقيقي في الدولة اللبنانية، والقادر على تمرير كافة الصفقات، أكان داخل الحكومة السابقة، أم الحالية .
وبغض النظر عن الجدل القائم حول منافع ومخاطر السد، لكن السؤال الأهم، لماذا يُصرُّ بعض من في هذه السلطة، على الإستدانة، والإستثمار في مشاريع غير إنتاجية أو بمردود منخفض لا يوازي قيمة التكلفة، بدل التركيز على مشاريع تُسهم في زيادة النمو الإقتصادي؟ وحتى في هذا الظرف العصيب والبلد على شفير الإفلاس؟؟؟
خبِرَ اللبنانيون جيداً استثمار الدولة في البُنى التحتية، بحيث يتم تزفيت الطُرق، ثم يُعاد حفرها بعد مدة لمد شبكات المياه، ثم تزفيت جديد، ثم حفر للصرف الصحي، ثم تزفيت، ثم حفر لشبكة الهاتف أو الكهرباء أو غير ذلك. وكل التزام في لبنان، يذهب أكثر من 75% منه إلى جيوب السياسيين وأزلامهم، فيما تكون التكلفة عادةً أقل من 25% من المبلغ المرصود للتنفيذ، هذا عدا عن بدلات غلاء الأسعار، وطلبات غب الطلب، التي تتم إضافتها ودفعها إلى المتعهدين .
شكّل وصول كورونا، فرصة للحكومة اللبنانية، لإشغال اللبنانين وحجرهم في منازلهم، وتناست كل الوعود بالإصلاح، حتى أنها لم تتمكن من تقديم مشروع الكابيتال كونترول، أو أي إصلاح آخر، وقبلت مع حاكم البنك المركزي، باعتبار من يملك وديعة في البنوك، بقيمة تفوق الخمسة ملايين ليرة، هو من ميسوري الحال، متناسية أنها تدفع رواتب لموظفي الفئة الأولى تفوق هذا المبلغ بكثير، وأن بعض هؤلاء ومنهم حاكم المركزي، يصل راتبه الشهري الى أربعين مليون ليرة .
قد يشكر سعد الحريري قريباً وليد جنبلاط، الذي نصحه بالإبتعاد عن رئاسة الحكومة، لأنه سيعلم أنه لو بقي، لما استطاع أن يُقدّم شيئاً إلى اللبنانيين، في ظل الترهل، والفساد، الذي تعانيه مؤسسات الدولة، وتأثير القوى الخارجية على الداخل اللبناني، وبعض القوى الرئيسية فيه، وتخلّي المجتمع الدولي وحجبه المساعدات عن لبنان، لأسباب بات يعرفها الجميع .
شكّل لبنان متنفساً لسوريا، منذ بدء العقوبات عليها، وإضافة إلى أزمة قرابة مليون ونصف نازح، والاقتصاد المتعثّر، والهدر والفساد المستشري، صار يرزح تحت أزمة شِح الدولار، وكذلك المواد الغذائية، التي يأتي قسم كبير منها من سوريا، ليباع في الأسواق اللبنانية، ويتم استبدال أثمانه بالدولار.
رغم أنه يبدو للبعض، أن الحكومة تكسب بعض الوقت، واستراحت من غضب الشارع، لكن عجزها عن حل المشكلات المتفاقمة يوماً بعد يوم، سيُعيد ثورة الغضب من جديد، وستكون هذه المرة ثورة جياع حقيقية .
فجشع التجار، وغلاء الأسعار، وانفلات سعر صرف الدولار، والانكماش الاقتصادي العالمي، وانشغال معظم الدول بمعالجة مشكلاتها، سيجعل الأوضاع القادمة في لبنان أصعب بكثير، وبدون أفُق للحل. وإن سياق العمل الحكومي حتى الآن، لا يُبشّر بالخير .
أعلن رئيس الجمهورية، أن الحكومة تعمل على وضع خطة إصلاح، لإنقاذ الوضع الاقتصادي والمالي. لكن إذا جاءت هذه الخطة، على غرار ما حدث من محاصصة وسمسارات، أفشلت؛ التعينات المالية، وضبط سعر الصرف للعملة الوطنية، والحد من تجاوزات الصرافين والبنوك، وتنفيذ الحد الأدنى من مكافحة الغلاء ومزاجية التجار، وإذا لم تتمكن الحكومة من تحقيق خرق حقيقي في جدار الأزمة المتفاقمة، وتحرير نفسها من وصاية وإملاءات بعض السياسيين، خلال الأشهر القادمة، وقبل بداية الصيف، قد يندم بعض من شارك فيها، على قبوله لقب معالي الوزير .