تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " اكرم كمال سريوي " خاص "الثائر"
عندما كنت اتابع تخصصي في الوقاية من الاسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية، عامي 2008 و2009 في الأكاديمية العسكرية الروسية، صودِف وجود خبيرين من جمهورية الصين الشعبية معنا في الدراسة، حاولا بعد مدة سرقة بعض الوثائق السرية، ولَكن مع النظام الصارم المُتّبع هناك، وجهاز المخابرات الروسية، وريث الكي جي بي السوفياتية، كان الأمر مستحيلاً. فتم كشفهما، وطُردا من الأكاديمية. وكادت الحادثة تُسبب أزمة في العلاقات، بين روسيا والصين. وهذا يوضح طبعاً، التوجهات السرية لبعض الدول، وسعيها الذي لم ينقطع، لتطوير أسلحة بيولوجية .
تضم الأكاديمية مكتبة سرّية، وعدداً كبيراً من المختبرات بدرجة أمان عالية. ويتم تصنيفها كمكان خطر للعمل، ويتقاضى جميع العاملين فيها رواتب عالية، وبدلات اخطار، ويتخرج منها سنوياً عدد من أهم الخبراء في العالم. ويتّضح من دخول الأجانب اليها أنها لم تكن تقوم بنشاطات سرية، لكن روسيا ألغت في عام 2012 معاهدة الحد من الخطر التعاونيCRT ، احتجاجاً على استمرار نشاطات الولايات المتحدة الأميركي السرية، في عدة مختبرات حول العالم .
في عام 1972 بدأ توقيع معاهدة دولية، لمنع تطوير وإنتاج وتخزين الأسلحة البكتيرية (البيولوجية)، والأسلحة السّمية، وفُرض تدميرها. وحتى الآن أصبحت ملتزمة بها 181 دولة، بإستثناء أسرائيل وبعض الدول العربية، وأصبحت المعاهدة نافذة منذ 26 آذار 1975، وقد وقّعت الصين على المعاهدة في عام 1984. لكن غياب نظام رسمي للتّحقق من المعاهدة، قد حدّ من فعاليتها .
افتتحت الصين عام 2017 مختبراً في ووهان للدراسات البيولوجية BSL-4 (Biosafety Level -4) ويشير الرقم 4 الى مستوى الآمان الجيد للمختبر، وهو المستوى الأفضل في العالم. ويضم المختبر قسماً للأبحاث العسكرية السرّية، التابع للجيش الصيني. ويوجد مختبر آخر مدعوم من الملياردير الأميركي الديموقراطي الهنغاري الأصل جورج سوروس .
خصصت الولايات المتحدة الأميركية، مبلغ 2,1 مليار دولار لمختبراتها البيولوجية حول العالم، منها 341,5 مليون دولار الى مختبر لوغار في جورجيا. وقد نُشرت عدة تقارير حول نشاط هذا المختبر، الذي قال عنه السفير الاميركي السابق جون باس، أن موقعه مهم جداً، كونه قريب من روسيا وإيران. ومن المعروف طبعاً أن هذا المركز تابع للقوات المسلحة الأميركية، التي ترفض خضوعه الى التفتيش، من قْبل الوكالة الدولية.
أعلن جيفري سيلفرمان أحد مستشاري الرئيس الجورجي السابق، أن حالات الوفاة التي حدثت في جورجيا وجنوب روسيا، عام 2015 بإنفلونزا الخنازير، لم تكن صدفة، بل بسبب المختبر، الذي يقوم بإجراء تجارب، وتطوير للفيروسات، بالتعاون مع شركة داترا «DATRA» وبأشراف البنتاغون .
في عام 2016 تم الكشف أن فيروس H1N1 لا ينتقل من لحم الخنزير، مباشرة الى الأنسان، ولكنه انتقل بعد أن تم تطويره. وفي عام 2018 تم الكشف، عن أن مركز لوغار في جورجيا، يقوم بأبحاث على الفيروسات، الموجودة في الخفافيش. فهل يكون لذلك علاقة بفيروس كورونا covid-19 وانتقاله الى البشر؟
من الناحية العلمية إنّ كافة الفيروسات يمكن استخدامها كسلاح، ومعظمها يتم تصنيعها وتطويرها في المختبرات، ومن بينها طبعاً فيروس كورونا-19. فكافة الفيروسات الموجودة في الطبيعة والحيوانات، أصبحت معروفة، وتم اكتشاف لقاح لها، منذ زمن. لكن تطوير بعض هذه الفيروسات في المختبرات، استمر حتى بعد توقيع المعاهدة الدولية. وفيما يعتبر ديفيد فيسمان، أستاذ علم الأوبئة في جامعة تورونتو، أننا أمام تحوّل كبير في النشاط الفيروسي على الأرض، لكن اعتقاده هذا، يبقى دون مبرر علمي. من المعروف أن الفيروس الطبيعي هو أكثر استقراراً من الفيروسات المصنّعة، والمعدّلة جينياً، التي قد تتغير تلقائياً وبسرعة .
من السهل إتهام الولايات المتحدة الأميركية، او بريطانيا، أو غيرهما، بالتسبب بتفشّي الفيروس بشكل متعمّد، خاصة مع ارتفاع حدة الصراع الأقتصادي، بينهما وبين المارد الصيني الصاعد، الذي يُتوقّع أن يسيطر على اقتصاديات العالم مع حلول العام 2030. لكن ذلك يبقى من باب التحليل السياسي فقط، الذي يفتقر الى الدليل القاطع .
تنقسم الأسلحة البيولوجية الى ستة أنواع هي: الفطريات، والطفيليات، والبكتيريا، والريكستيا، والفيروسات، والسموم،وتم حظرها، لأنها من الأسلحة التي لا تمييز بين الجنود والمواطنين العُزّل. وإذا كان بعضها، يمكن حصر مفاعيله، في مكان وزمان معين، كتلك التي استعملها الجيش الأميركي في فيتنام، إِلَّا أن الفيروسات هي أخطرها، بسبب سرعة انتشارها، لمهاجمتها الجهاز التنفسي، وعدم امكانية السيطرة على انتقال العدوى .
ينتقل آلاف المواطنين يومياً بين الصين والولايات المتحدة الأميركية، وكذلك أوروبا والعالم. فهل يُمكن أن تخاطر دولة، بنشر وباء، وهي تعلم أنه سيصل اليها حتماً؟. إنّ من يفعل ذلك، لا بد أن يكون مجنوناً. وتجدر الإشارة، أنه عندما أتّهمت اميركا، اسامة بن لادن، بنشر الجمرة الخببثة، انكشفت الحقيقة لاحقاً، وتبيّن أنه كان يقف خلفها، عالم اميركي، عمل في البرنامج الدفاعي البيولوجي للجيش الأميركي، وانتحر عام 2008 بعد أن كُشف أمره .
تبادلت الصين والولايات المتحدة الأميركية التّهم. واعتبر الخبراء الروس، أن مختبر ريتشارد لوغر الاميركي في جورجيا، الذي يسعى الى تطوير أسلحة بيولوجية، قد سرّب الفيروس قصداً، للضرر بالصين وروسيا. ودعت روسيا منذ مدة، الوكالة الدولية لمراقبة الاسلحة البيولوجية، الى تفتيش المركز، لكن الاميركيين ما زالوا يرفضون ذلك. وتجدر الأشارة الى زيارة الرئيس الصيني الى ووهان، وهو يرتدي كمامة فقط، فهل يمكن أن يقوم بزيارة كهذه،دون ملابس واقية، لو كان يشك أن هذا الفيروس تم استخدامه كهجوم بيولوجي على الصين؟
لا شك أن كورونا كانت بداياته من الحيوانات، خاصة الخفافيش والثعابين. وظهرت سابقاً عدة إصابات بالفيروس التاجي ( كورونا )، بين عامي 2003 و 2013، ويوجد عدة تقارير طبية عن ذلك، وهي تختلف عن الفيروس الجديد، بأنها بطيئة العدوى، وتنتقل مباشرةً من الحيوان الى الأنسان، وقلّما انتقلت بين البشر .
ولكنCovid-19، يبدو أقرب الى أنّه تم تطويره، ليصبح سلاحاً بيولوجياً، من أن يكون فيروساً طبيعياً، أنتقل من الخفافيش. والآن تُجري بعض المختبرات، الأبحاث العلمية عليه، بُغية إنتاج اللقاح المناسب له. ويبقى خطر تسرب الفيروس صدفةً، وارداً، مهما كانت أجراءات الآمان عالية، وهذا هو الأحتمال الأقرب الى حقيقة ما حصل. ومن مراجعة بسيطة لخريطة انتشار Covid-19، نجد ان كافة الدول الكبرى، متضررة، ولم تسلم من نتائجه أية دولة تقريباً .
لا ترغب أية دولة في تحمّل مسؤولية نشر الوباء، والتسبب بهذه الكارثة العالمية، التي حصدت أرواحاً بريئة. لكن المخابرات الصينية، أجرت كافة التحقيقات اللازمة، وهي تعلم بكل تأكيد، وبنسبة 90%، كيف بدأ انتشار الفيروس، وما هو السبب الحقيقي. لكن سيمرُّ وقت طويل، قبل إعلان الحقيقة .
تُعتبر الاسلحة الكيميائية والبيولوجية هي الأرخص، بحيث يُمكن تصنيع غاز الكلور من ملح الطعام المتوافر في كل مكان. وكذلك الفيروسات والبكتيريا والسموم، التي يسهل الحصول عليها من الحيوانات، والجثث. واعتبرت منظمة التهديد النووي، أن 17 دولة يُشتبه في مخالفتها لاتفاقية BWC ، وتستمر في تطوير أسلحة بيولوجية، ومن بينها الولايات المتحدة الاميركية وروسيا، والصين، وكوريا الشمالية، وإسرائيل .
رغم القناعة السائدة بسياسة الردع النووي المتبادل، التي فرضت السلام على العالم، لعدة قرون، لكن ثمة اعتقاد عند البعض اليوم، أنه يمكن ان تكون الحرب البيولوجية واقعة لا محالة، وقد تُحقق الأهداف السياسية والأقتصادية، بتكلفة بسيطة على الدول المتقدمة، مقارنة بالحروب التقليدية. ولهذا السبب ، أستمر خرق معاهدة BWC من قِبل هذه الدول .
إن الخسائر الاقتصادية التي لحقت بكل دول العالم، جراء انتشار وباء كورونا ، هي أكبر بكثير من الأرباح التي جنتها، او ستجنيها أية دولة، جراء انتشار الفيروس. ولا صحة لبعض الشائعات التي تم تداولها، عن تعمّد نشر الفيروس. وستؤدي الأجراءات المتخذة ، ودون شك ، الى أزمات عديدة، في عمليات التبادل التجاري، والأنتاج. أي أنها سترسم نمطاً جديداً في العلاقات الدولية. وقبل أن يتفق الكبار، سيحاول كل طرف كسب المعركة، لفرض شروطه، مما يعني أن مرحلة عسيرة قادمة، سيتخللها الكساد، والأحتكار، وانهيار في الأسوق .
ستزداد حدة صراع الجبابرة، مما يُعيد الى الأذهان تجربة «الوحدة 731» اليابانية السيئة السمعة، التي أشعلت الحرب الكيميائية والبيولوجية خلال الحرب العالمية الثانية، لتنتهي بقنبلة هيروشيما النووية. وقد تندلع الآن حربٌ بيولوجية، واقتصادية شعواء. ويذهب ضحيتها الفقراء اولاً، خاصة في الدول المستهلكة والضعيفة. أو ستُشكّل الخسائر البشرية الكبيرة، درساً قاسياً لكل الدول، خاصة أصحاب قمة العشرين، ليتجاوزوا الخلافات، وندخل طوعاً، الى عملية تغيير سلمي، لنظامنا العالمي، الذي فشل في حماية السلام العالمي، ولم يعد يستجيب لمتطلبات الشعوب، وللتطّور الذي حدث، منذ بداية الألفية الثالثة .