تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
اتخذت الحكومة اللبنانية قرارها بعدم دفع الدين الذي استحق اليوم، وأعلنت عن عدة اجراءات، ستتخذها ضمن خطة إصلاحية شاملة، تشمل إعادة جدولة الديون، بالاتفاق مع الدائنين الأجانب والمصارف اللبنانية، والبدء بتغويز معامل الكهرباء، وتنظيم القطاع المصرفي، لتعزيز قدرات المصارف، التي يزيد عددها على الخمسين حالياً، عن طريق الدمج، بهدف زيادة قدراتها المالية ورفع ملاءتها، والأهم ضمان سلامة الودائع خاصة لصغار الموعدين .
كان لافتاً موقف رئيس الحزب التقدمي الأشتراكي وليد جنبلاط من الحكومة التي رفض المشاركة بها، لكنه يرى انها أفضل من الفراغ، ولهذا السبب ساهم في تأمين النصاب لجلسة الثقة بها.
وفي حديثه الأخير الى «عرب نيوز» في باريس، أكّد جنبلاط على أهمية تجاوز الخلافات السياسية المحلية في لبنان، معتبراً أن لا أهمية لها امام الخطر الذي يتعرض له لبنان اليوم .
ودعا جنبلاط الى الحوار مع حزب الله والتيار الوطني الحر، ورفض ما يِقال أن هذه الحكومة هي حكومة حزب الله. وقال لدينا وزراء ممتازون، والمهم أن نعمل ضمن خطة مع صندوق النقد الدولي، لأنقاذ الوضع الأقتصادي ومنع الأنهيار. فمصلحة الوطن أهم من المصالح الشخصية، ولا داعي للخوف الزائد لدى البعض من المؤسسات المالية الدولية، فالعمل معها ضروري، وصندوق النقد الدولي لا يُشكّل خطراً على حزب الله .
وإذ تخوف جنبلاط من تطورات الصراع الأميركي الإيراني، وانعكاس ذلك على لبنان، خاصة بعد نجاح التيار المتشدد في الإنتخابات الإيرانية، قال إن التغيير في لبنان لا يمكن أن يحدث سوى من خلال الانتخابات النيابية، وقانون انتخاب عادل ومنصف، وعلينا جميعاً العمل لتحقيق ذلك، دون إسقاط البلد في الفوضى، او تدمير اقتصاده الحر وتغيير وجه لبنان .
وتلاقت مواقف بكركي، مع موقف جنبلاط، الداعية لتوحيد الجهود والتركيز على مواجهة المخاطر المحدقة بلبنان. فعلى الصَّعيد الوطنيّ قال البطريرك الراعي في عِظة الأحد: نحن بحاجةٍ إلى بناء وحدتنا الدَّاخليَّة، بحيث تتكاتف جميع القوى السِّياسيَّة من أجل نجاة لبنان المهدَّد بماله واقتصاده وسمعته وثقة الدُّول به. وهذا يقتضي الولاء للبنان فوق كلِّ اعتبار. فمن أساء إليه أساء إلى نفسه، ومن امتهن كرامته إستهان بكرامته الذَّاتيَّة، أكان ذلك بواسطة الإعلام أم بالأداء الفاسد. إنَّ كرامة لبنان وخيره هما من كرامة وخير كلِّ مواطن. وأوَّل ما يحتاج لبنان هو إجراء الإصلاحات في الهيكليَّات والقطاعات وفقًا للوعود التي قطعتها الحكومة السَّابقة في مؤتمر"CEDRE"، بدءًا من الكهرباء ومكافحة الفساد وتحسين الإدارة، واستقلاليَّة القضاء من كلِّ تدخُّلٍ سياسيّ.
وأضاف البطريرك: يجب التَّذكير بأنَّ النِّظام الماليَّ والاقتصاديَّ الحرّ، الذي يُشكِّل القطاع المصرفيُّ جزءًا أساسيًّا منه، والذي يخبِّئ فيه اللُّبنانيُّون جنى العمر، هو ركيزةٌ من ركائز الكيان اللُّبنانيّ الذي أسَّسه المكرَّم البطريرك الياس الحويِّك منذ مئة سنة، فحذارِ المساس به، وحذارِ تهديد مستقبل اللُّبنانيِّين من خلال مهاجمته، لأنَّ السَّبب يوجد في مكانٍ آخر. وإنَّ مِن واجب الحكومة معالجة الأسباب فورًا ومن دون إبطاء ومعاقبة المتلاعبين بالعملة الوطنيَّة. فحذارِ التَّلاعب بمصير لبنان الذي لن نسمح بسقوطه. ونلفت إلى أنَّ الاقتصاد الحرَّ هو من صلب الدُّستور. لكنَّ الكنيسة تريده ذا بُعدٍ اجتماعيٍّ يضمن العدالة والتَّضامن وكرامة الإنسان وحقوقه .
لطالما لعبت بكركي دورها الوطني في الحرص على سيادة واستقلال لبنان، وليس مصادفة أن تتلاقى هذه المواقف مع موقف وليد جنبلاط، الذي يحرص دائماً على التعالي فوق الخصومات الداخلية البسيطة، للتركيز على المصلحة الوطنية، خاصة التعايش بين جميع فئات الشعب اللبناني، واحترام هذا الغنى في التنوّع، واستثماره للمصلحة العامة، بعيداً عن الخطابات الفئوية والشحن المذهبي .
ويبدو أن الحكومة، ستلقى مزيداً من الدعم من القوى السياسية الداخلية، في مواجهتها للمخاطر الاقتصادية والصحية الداهمة، ويرى بعض المراقبين، أن الموقف الدولي من لبنان وحكومته سيتغيير بشكل إيجابي إذا اتفق اللبنانيون على دعم حكومتهم، وخطت هذه الحكومة، خطوات جدّية وواضحة نحو الإصلاح .