تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
كانت اللحظةُ تاريخية. الانتظار لم يكن مملاّ.... صحيح ان الحقيقة الصعبة كانت معروفة ولكن شكل اعلانها كان هو المنتظر... اجتمع وزراء حكومة حسان دياب بشكل منظّم أمامه عابسي الوجوه وكأنهم أعضاء جمعية دفن الأموات متضامنين مع رئيس الجمعية الذي أعلن دفن لبنان الماضي في يوم هو الأقسى في تاريخ لبنان الحديث.....
وداعاً لبنان.... الماضي.. وداعاً لبنان النظام الاقتصادي الليبرالي الحر. وداعاً النظام المصرفي والنقدي الذي أعطى نموذجاً للعالم العربي. وداعاً لهوية النظام الذي نعرفه.
في لحظة... وبعد شهر من نيل حكومة حسان دياب الثقة... أعلن بسهولة تامة افلاس لبنان محملاً السياسات الاقتصادية والمالية السابقة، ونسي أن يحمّل دولته الحاضرة معه بغير أقنعة، مسؤولية ما وصلت اليه الاوضاع. عظيم.... هذا ما سبق ان كتبنا عنه آلاف المرات وحذّرنا منه... وأول من طالبنا بإسترداد المال المنهوب على مدى 30 سنة، ولكن ألم يكن الوقت كافيا لديكم لتفاوضوا الدائنين؟
***
وإلا لماذا أوكلتم شركتين واحدة قانونية وواحدة مالية، لتقديم الإستشارات في هذا المجال طالما كنتم أخذتم القرار سلفاً بعدم الدفع آخذين بنصائح بعض من أخذوا البلاد الى الخراب سابقاً؟
ولماذا لم تطلبوا فترة السماح التي تنص عليها العقود مع حاملي سندات اليوروبوندز والتي هي سبعة أيام.
***
وكيف نجيب على بعض التساؤلات التي تدور في الكواليس حول علاقات مشبوهة لبعض الوزراء ومستشاريهم مع ممثلي الشركات المالية والقانونية والذين لهم مصلحة في أخذ لبنان الى عدم تسديد الإستحقاقات من دون تفاوض؟ ونصرّ على التفاوض.
وفي الأسئلة المشروعة لماذا لم تصارحوا بحقيقة ما قد يجري قانونيا على الصعيد الدولي مع حاملي اليوروبوندز من حجوزات وتنفيذ على أصول تتعلق بالدولة اللبنانية وبمصرف لبنان المركزي؟ وما الذي يمنع قاضياً متواضعاً في نيويورك غدا مع فتح الاسواق من ان يضع حجزا على ذهبنا الموجود هناك أو على طائرات الــــ MEA أو على اعتماد مفتوح بين لبنان والخارج؟ وهل من رادع يجمد استحقاق الديون المتبقية وهي 30 مليار دولار؟
***
ربما أعضاء جمعية دفن الأموات الذين لا خبرة كافية لهم تناسوا انهم مسؤولون وذهبوا باتجاه القرارات الشعبية التي يعتقدون انهم من خلالها يكسبون أصوات الثوار ويستميلونهم باتجاههم بمجرد اتخاذ القرار بعدم دفع مستحقات لبنان دون محاولة التفاوض تحت عنوان الخوف على ما تبقى من ودائع المودعين والناس.
***
صحيح هذا، خصوصاً ان الباقي من احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية قد لا يكفي لأكثر من أربعة أشهر لشراء القمح والفيول والأدوية وحاجات لبنان الأساسية ولكن لماذا لم تذهبوا الى اعادة هيكلة بالتفاوض ولماذا خسرتم الوقت؟
وما دور الحكومة السابقة في قذف كرة النار الى هنا؟
وما حقيقة الأرقام التي يتقاذفها المسؤولون بين مصرف لبنان والسلطة؟
ما يهم هو أين اللبناني المسكين من هذا الجنون الآتي؟ وما دخله في القرارات الشعبوية التي اتخذت من دون احتساب ما قد يأتي...
***
للمرة الأولى في تاريخ لبنان يتخلّف لبنان عن دفع مستحقاته... ألم يكونوا كلهم يعني كلهم شركاء بالتكافل والتضامن وانفصلوا؟
دون تفاوض أو جدولة عملياً الدولة تعلن افلاسها ونقطة على السطر... فيما رئيس الحكومة يتحدث عن ضرورة إعادة النظر في تضخم القطاع المصرفي وضرورة تخفيضه... هل هذا ما أوصل البلاد الى ما هي عليه؟
هل الوقت اليوم لمحاسبة المصارف؟ هل المصارف نعم ربحت، وبغض النظر عن أدائها الذي كتبنا عنه صفحات هي أوصلت البلاد الى الإفلاس؟
أم من استلموا الحكم وعاثوا بالبلاد فساداً وتدميراً ونهشاً وسرقة؟
***
الآتي من الأيام...خطير ومحزن وموجع... ما حصل السبت يأتي بعد أيام من قرار قضائي يتعلق بأصول المصارف تم تجميده بإنتظار درسه وبإنتظار اجتماع جمعية المصارف مع مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات لدرس كيفية التعامل مع أموال المودعين؟
الأهم... كيف ستتعامل المصارف مع أموال المودعين وهي تبحث عمن ينقذها من قرار الحكومة في اليوروبوندز؟
وما أثر ما جرى على الليرة اللبنانية والثقة بها في بلد أعلن إفلاسه وهل يكفي تعميم وهمي من مصرف لبنان للصيارفة لكبح جموح المضاربين؟
***
من يلجم أسعار المواد الاستهلاكية والأساسية عند الناس والتي أضيف إليها همُّ التعامل مع الكورونا وما يفرضه ذلك من تعقيم وصولاً حتى اقفال مؤسسات مؤقتا؟
***
الآتي من الأيام وربما على مدى سنوات في غياب رؤية لحكومة انقاذية وفي ظلال الحصار الدولي والعربي على لبنان وتجميد المساعدات وفي ظل رفض التعامل مع صندوق النقد الدولي الآتي خطير... أكثر من فقر وأكثر من عوز...
سيكتفي اللبنانيون بما تيسّر لهم من فتاتٍ.. سيحتاجون الكهرباء التي ستنقطع أكثر والأدوية ولن تفتح إعتمادات لأي أمر كمالي يمدّهم بحب الحياة للشعب اللبناني الأصيل.
لبنان جديد ولد بالأمس.. ليس هذا ما حلم به شعب الانتفاضة إطلاقاً...
وداعا لبنان الماضي الجميل.