تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
صندوقُ النقد الدولي، هل هو نعمةٌ أم نقمةٌ بالنسبة إلى لبنان؟
البعض يرى فيه نعمة، والبعض يرى فيه نقمة ...
لكن للموضوعية، سواء أكان نعمة أم نقمة فإن السلطة التنفيذية في لبنان، المتعاقبة على الحكم منذ "باريس واحد" إلى اليوم، هي المسؤولة بالتكافل والتضامن عما آل أليه الوضع والذي أوصل إلى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي، فهذه الهيئة المالية العالمية لا تتحرك من تلقاء نفسها، بل هي تأتي بناء على دعوة البلد الذي يحتاج إليها .
***
صندوق النقد الدولي ليس، كما يُقال، غريبًا عن أورشليم، يعرف لبنان عن ظهر قلب، فهو شارك في كل المؤتمرات التي خصصت لمساعدة لبنان ولأقراضه: من باريس واحد إلى باريس إثنين إلى باريس 3 إلى "سيدر"،
يعرف حاجاته ويعرف متطلباته منذ ربع قرن، وقد واكب كل مساره وصولًا إلى شفير الإنهيار اليوم (والبعض يقول إننا في قلب الإنهيار) .
وبالعربي المشبرح، صندوق النقد الدولي "مش عايز جميلة حدا" ليحصل على المعلومات، كل ما يريده هو التدقيق في ما يملكه، وهذا واجب الهيئات المعنية ان تزوده بها... بمعنى آخر، لا تستطيعون ان تضحكوا على الصندوق. كما لا تستطيعون إخفاء ما ارتكبت أيديكم .
***
ولأنعاش الذاكرة، وكدليل إضافي على المعرفة الجيدة لصندوق النقد الدولي بلبنان، يجدر التنويه بأن الدكتور جهاد أزعور هو مدير لإدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، وهو يتولى هذا المنصب منذ العام 2017 .
كما أن الدكتور أزعور شغل منصب وزير المال من عام 2005 وحتى 2008، وهي الفترة التي قام خلالها بتنسيق تنفيذ مبادرات مهمة للإصلاح على المستوى الوطني وداخل وزارة المال. وبالإضافة إلى ذلك، أشرف الدكتور أزعور على تنظيم مؤتمر المانحين الدولي "باريس 3" لدعم لبنان، والذي كان دوره بارزاً في تدبير الدعم المالي اللازم لجهود إعادة الإعمار في لبنان.
وبعد، هل يستطيع احد إخفاء شيء عن صندوق النقد الدولي؟
***
ومن الأساطير التي يتلهى بها اللبنانيون ان الشركة التي يعمل فيها نجل وزير المال غازي وزني هي التي سيتم اختيارها، لكن حين يعرف مطلقو الأساطير ان الشركة التي سيرسو عليها العمل هي شركة Lazard فماذا سيقولون؟
وكيف سيبلعون أكاذيبهم.
***
صندوق النقد الدولي لديه طريقتان في العمل، أما يعمل بصفة استشاري وإما يقترح برنامجًا للتطبيق، لكن في الحالتين هناك موافقة يجب ان تحصل من الجانب اللبناني الذي عليه ان يتحمل تبعات القرار الذي سيتخذه. ولكل قرار ثمنه .
وهنا الكرة في ملعب الحكومة ولا سيما في ملعب الرئيس حسان دياب، فهل سيوافق على تنفيذ الشروط؟ وماذا سيكون موقفه من شركائه في الحكومة الذين يعترضون على صندوق النقد الدولي، وتحديدًا حزب الله وأمل؟
***
ولكن في مطلق الأحوال تنبَّهوا، فالتجربة الفنزويلية أمامنا، فهل سيكون لبنان على طريق هذه التجربة الفنزويلية؟
أوجه الشبه بين لبنان وفنزويلا أننا في لبنان نختلف على اسباب الأزمة، تمامًا كما في فنزويلا: بين واقع الفساد ونظرية المؤامرة.
كانت فنزويلا أغنى اقتصاد في أميركا اللاتينية، بفضل احتياطاتها النفطية التي يقال إنها الأكبر في العالم.
ولكن، وفي ظل حكم الرئيس الراحل هوغو تشافيز - الذي توفي في عام 2013 - خلفه الرئيس الحالي نيكولاس مادورو، أدى الفساد وسوء الادارة والمديونية الكبيرة الى انهيار اقتصاد البلاد.
استغل الرئيس الراحل تشافيز فورة اسعار النفط في السنوات الأولى من الألفية الثانية للاقتراض بشكل كبير، كما ارتفعت مصروفات الحكومة الى حد بعيد.
لم يعترف الفنزويليون بالفساد، تماما، كما السلطات اللبنانية بل إن الرئيس مادورو القى باللائمة على الامبرياليين أمثال الولايات المتحدة والدول الأوروبية، لشن هذه القوى "حربا اقتصادية" ضد فنزويلا ولفرضها عقوبات على العديد من مسؤولي حكومته. تمامًا كما يحمِّل بعض المسؤولين اللبنانيين الولايات المتحدة الاميركية مسؤولية العقوبات، متناسين ان الفساد هو على رأس العلل .
***
ومن مضاعفات الأزمة على فنزويلا وأوجه الشبه مع لبنان:
8 من كل 10 في فنزويلا يتناولون كميات أقل من الطعام وذلك لشح الغذاء.
6 من كل 10 يأوون الى النوم وهم جياع لعدم قدرتهم على شراء الطعام.
9 من كل 10 من السكان لا يتمكنون من شراء ما يحتاجونه يوميا من غذاء
أن 8,2 مليونا من الفنزويليين لم يتسن لهم الا تناول وجبتين في اليوم أو أقل
أن الغذاء الذي يتناوله الفنزويليون يفتقر الى الحديد والفيتامينات وغيرها من المواد الأساسية
نتيجة لذلك، يلجأ الفنزويليون الى خضروات وأطعمة منسية كانت توصف في الماضي بأنها "غذاء الفقراء".
***
ويقول المرصد الصحي الفنزويلي إن ثمة شحاً كبيراً في العقاقير المقاومة للملاريا بكل أصنافها.
***
وها قد أتانا فيروس الكورونا فهل كل المستلزمات والعقاقير موجودة؟
إذا وضعنا إسم لبنان مكان فنزويلا، ماذا يتغيَّر؟
باعتقادنا ان لبنان أسوأ، أولاً ليس بلداً نفطياً بعد.
ثانيا في فنزويلا اعتراف واضح بالفساد أما عندنا فطبقة "فاسدة الفساد" تنذر بالعفة وتتساءل من أين جاءنا هذا الوباء الذي اسمه فساد على مرّ العهود؟؟