تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- اكرم كمال سريوي
في اول تصريح له قال رئيس الحكومة حسان دياب: انه قد يكون عمر هذه الحكومة شهر، او ستة اشهر او سنتين او اكثر . وهي المرة الاولى التي يتوقع فيها رئيس حكومة وفور تأليفها، ان يكون عمرها شهر، فما هو السبب؟ وهل تنجح الحكومة في جلب المساعدات الى لبنان؟ .
لقد شكّل لبنان حكومة القوى المناهضة للولايات المتحدة الاميركية، ورفع بوجهها البطاقة الحمراء، رغم ان حزب الله، الذي هو على رأس هذه القوى، سعى الى عدم أعطاء الحكومة صفة حكومة المواجهة، فضمّ عدد كبير من خريجي الولايات المتحدة الاميركية ، وأساتذة الجامعة الاميركية الى هذه الحكومة. ربما لمحاولة طمأنة الغرب، وخاصة الأوروبيين .
سيقوم الرئيس دياب بجولة خليجية، وسيعود بوعود، لكن المساعدات لن تصل الى لبنان. فهذه هي المساعدة القطرية الموعودة ما زالت عالقة، ومثلها المساعدة العمانية، وكذلك اموال مؤتمر سيدر، والسبب ان اميركا لم تعطِ الضوء الأخضر لإنقاذ لبنان. وتعليق وزير الخارجية الاميركية ، على تشكيل الحكومة، كان صريحاً عندما قال: ان موقفنا واضح ونحن مستعدون للتدخل ومساعدة لبنان، الذي يواجه أزمة مالية رهيبة، اذا كان هناك حكومة اصلاح. وأردف قائلاً : لكن انظروا الى الاحتجاجات في بيروت والمدن الاخرى، هي ليست موجهة ضد اميركا بل تقول كفى لحزب الله.
يلتقي كلام بومبيو، مع كلام المسؤولين الأوروبيين، الذين لم يعِدوا بالمساعدة بشكل صريح بل ربطوا ذلك بالاصلاح ومحاربة الفساد. وهذا العنوان العريض يعني من وجهة نظر اميركية ، مكافحة حزب الله، الذي أدرجته مع بريطانيا على لوائح الاٍرهاب. لكن الحزب ردّ برفع التحدي، خاصة بعد فرض العقوبات عليه، واغتيال قاسم سليماني، فكانت حكومة دياب. وهذا سيدفع دون شك، الى ترجيح رأي جماعة الخزانة الاميركية، القائل بزيادة الضغط المالي على لبنان، وتُضعف موقف بعض موظفي الخارجية والدفاع في الادارة الاميركية، الذين دعوا الى مساعدة لبنان.
لا تُبدي موسكو اهتماماً كبيراً في الشأن اللبناني. فهي حصلت على حصرية ادارة الشأن السوري، وبموافقة اميركية، وستحصل على ادارة ملف النفط بشكل شبه كامل في شرق المتوسط، من سواحل فلسطين الى لبنان وسوريا، بمشاركة فرنسية تركية بسيطة . وستبدأ قريباً بأنشاء خط لنقل الغاز، من سوريا عبر تركيا الى اوروبا. وسيكون ذلك مقابل طمأنة اسرائيل على حدودها مع لبنان وسوريا، وهذا يفرض إطلاق يد الاميركي سياسياً في لبنان .
الجيل الجديد من زعماء الخليج غير مهتم بلبنان ايضاً، ولم يعد يرى فيه سويسرا الشرق، بل على العكس يجد بيئة معادية، خاصة بعد سيطرت حزب الله وحلفائه على الحكم. وقد انعكس التوتر في العلاقات السعودية الإيرانية، على نظرتهم الى لبنان وعلاقتهم به، حيث اعلن بعض المسؤولين الخليجيين، ان اية مساعدة مالية للبنان حالياً، هي بمثابة انقاذ لحزب الله، ودعمه للتفلت من العقوبات الاميركية .
رغم ان الحكومة السابقة أعلنت النأي بالنفس، لكن حزب الله بقي في قلب الصراع الدائر في المنطقة، حتى انه لم يهادن ولو إعلامياً الدول الخليجية، وأخذ مواقف حادة اتجاهها، خاصة في حرب اليمن، ولم ينجح سعد الحريري في اقناع الحزب بتليين موقفه، كما ان التيار الوطني الحر استغل دعم حزب الله له ليُحكِم قبضته على الحكومة، خاصة بعد تخلي السعودية عن سعد الحريري، وما تعرّض له في المملكة.
قبيل الانتخابات الاميركية شدد ترامب سياسته اتجاه ايران، وكامل المنظمات التي تدعمها في المنطقة. وأرسل وبشبه توافق مع روسيا، رسالة واضحة الى ايران، بضرورة الخروج من سوريا ولبنان، والحد من تدخلها في العراق. وهذا ما لن تقبله ايران، كما ان حزب الله لم يقبل بإنهاء نفسه، وتسليم لبنان للاميركي، ولكنه فشل في اقناع الحريري بالاستمرار في التسوية القديمة، هذه التسوية التي أضعفت الحريري، وأبعدت عنه حلفاء الامس في الداخل والخارج.
لا يمكن لحكومة دياب ان تصمد طويلاً في وجه العواصف القادمة، خاصةً انها تواجه معارضة داخلية واسعة، بدءاً من الشارع وانتهاءً بقوى سياسية وازنة. ورغم دعوة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، لإعطائها فرصة، لكن الجميع يعلم ان الفرصة الاساسية هي بيد الخارج، الذي اذا امتنع عن تقديم المساعدة، سيكون لبنان امام أزمة مالية لم يسبق ان شهدها وفقاً لخطاب بومبيو، وكذلك توقعات الخبراء الاقتصاديين، التي لم ينفها ايضاً وزير المالية الجديدالخبير الاقتصادي غازي وزني، مما يعني ان شكوك الرئيس دياب حول عمر الحكومة ستكون في محلها، وقد لا تتجاوز الأشهر القليلة، قبل وقوع المحظور .