تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- اكرم كمال سريوي
كم من شاطر، وكم من غلطة ارتكب. فمن هو الشاطر وما هي غلطته؟ هل هو الرئيس الحريري؟ وهل غلطته يوم اقدم على التسوية، مع التيار الوطني الحر، وحزب الله، التي أوصلت العماد عون الى الرئاسة؟ فخسر الحريري حلفاءه، والدعم السعودي بشكل خاص؟ ام هي غلطته يوم وافق على قانون الانتخاب، الذي جاءت نتيجته سلبية عليه؟ ام يوم شكّل حكومة بشروط خصومه؟ ام يوم استقال من الحكومة، وترك البلد ينهار؟ ام يوم انسحب من الترشح لرئاسة الحكومة، ورفض تسمية احد، خاصة نواف سلام او خالد قباني، فسمح بوصول حسان دياب الذي لا يريده؟
ام الشاطر هو سمير جعجع، يوم دعم ترشيح العماد عون، وقطع الطريق على سليمان فرنجية؟ ام يوم قبل المشاركة الهامشية في الحكومة، وراهن على دوره من الداخل؟ ام يوم رفض تغطية الرئيس الحريري مسيحياً؟ ام يوم رفض تسمية نواف سلام؟
ام الشاطر هو جبران باسيل، يوم شن هجوماً على بري وجنبلاط؟ ام يوم حاول الإستئثار بالقرار الحكومي والحصة المسيحية؟ ام تصريحاته عن حق اسرائيل بالوجود والامن؟ ام مواقفه الطائفية، التي شدت عصب خصومه اكثر مما شدت العصب المسيحي؟؟؟
ام الشاطر هو وليد جنبلاط، عندما هاجم المسيحيين، فأحرج حلفاءه منهم، وابعد عنه الكثيرين من الذين كانوا يعتبرونه ممثلاً لطموحاتهم وافكارهم؟ ام يوم رفع السقف، ودفع الخلاف مع المقاومة الى حدود الصراع واللا عودة؟ ام يوم قبل المشاركة في الحكومة، وبشكل هزيل؟ ام يوم انكفأ عن الاستقالة منها، وعن دعم الحراك في الشارع؟
ام هي غلطة الرئيس المكلف حسان دياب، عندما قبل المغامرة، والسير عكس التيار الطائفي، الذي لم يمنحه غطاءً سنياً كافياً؟ ام عندما قبل ان تكون تسميته، من قِبل قوى الثامن من آذار فقط؟ ام عندما اعتقد انه قادر على تشكيل حكومة تُنقذ البلد، بالرغم من توقّع معارضة الداخل والخارج لها؟
ام الشاطر هو حزب الله، بمواقفه من العرب، وبإدخال لبنان في صراعات المنطقة؟ أم عندما أعاد راياته من تلك الساحات، التي خفقت فيها افتخاراً بالنصر على اسرائيل، ليلوّح بها البعض في زواريب الصراع المذهبي، وصولاً الى شعار «شيعة شيعة»، بما يحمله من إساءة الى مسيرة نضالٍ مجيد؟ ام بمظاهرات شكراً سوريا، وانقسام ٨ و١٤ آذار؟ ام بيوم ٧ ايار وغزوة بيروت والجبل؟ ام بالقبول بخروج سعد الحريري، والموافقة على حسان دياب وحكومة اللون الواحد ؟
ام الشاطر هو الرئيس بري، الذي يترأس المجلس النيابي منذ ما يقارب الثلاثة عقود، وهو الذي كان يدعو الى الثورة على الإقطاع السياسي، وضرورة التغيير؟ ام يوم تناسى نصوص الطائف والدستور، ولجنة الغاء الطائفية السياسية، ومجلس الشيوخ، ولم يحرك ساكناً في ذلك؟
ام هي غلطة الجميع، في حكومة المحاصصة، وتوزيع الوطن بين الصفقات والسمسرات، والتوظيف الانتخابي للأزلام والمحاسيب، وهدم مؤسسات الدولة، وانتهاك الدستور والقوانين، وتسيس القضاء وشل دوره، وشد العصب الطائفي، وتأليب الناس بعضها على بعض، وغياب البرامج والخطط، وفرض الضرائب عشوائياً، وإفقار الناس، وصولاً الى تهديدهم بالمجاعة، والمن عليهم بلقمة العيش، وحرمانهم من ابسط الحقوق؟؟؟؟؟
لقد كتب كمال جنبلاط بعد ان فشل في تحقيق حلم الدولة المدنية، مطوّلةً بعنوان «أخطاؤنا»، وليس من باب السرد بل في مراجعة نقدية ذاتية .
فصانع الثورة البيضاء، وثورة في عالم الانسان، ونحو اشتراكية اكثر انسانية، وقانون الإثراء غير المشروع، وشعار من أين لك هذا؟، عدد أخطاءه مع رفاقه، بعد ان فشلت ثورته الوطنية، ونجح أخصامه في تحويلها الى حرب طائفية، حصدت ارواح آلاف الأبرياء، وأسقطت الحلم والوطن في غياهب التعصب الطائفي. فهل من يجرؤ على الاعتراف بالخطأ اليوم ؟؟؟
الثائر الذي وصفه عبد الناصر ب «المعلم » لم يخدع شعبه، وعدد الأخطاء أمامهم، ولم يعدد الأنجازات. ويحلو اليوم لبعض من يظن نفسه ثائراً، ان يتجاهله لمجرد انه قادرٌ ان يكتب بضع كلمات مبعثرة على الفايسبوك، او ثرثر قليلاً في خيمة اعتصام الفقراء، الذين ضاقوا ذرعاً بارتكابات الطبقة الحاكمة، وثم راح يسابق الليل، ليقف على باب الرئيس المكلف، طالباً كرسي وزاري، او اي منصب آخر، مدّعياً انه يمثل الثوار، وينطق باسمهم، ويريد ان يختصر ثورة شعب، من جبران خليل جبران، الى انطون سعادة، وكمال جنبلاط، وجورج حاوي، واحمد قصير، وآلاف الشهداء على مذبح الوطن، ليخبرنا عن بطولاته في خيمة الرقص والغناء، واستغلاله لمشاعر الناس، ليصل الى كرسي هزيل كأفكاره وأحلامه .
في زمن الميلاد، نقول ليسامحكم الله، و«من كان منكم بلا خطيئة فاليرجمها بحجر». اما وقد فعلتم ما فعلتم، وأوصلتم البلد الى ما هو عليه، فاتركوا للناس فسحة امل، واخرجوا من صنمية الأنا، والغرائز الطائفية، وبدل الأمن الغذائي المذهبي، وتوزيع المساعدات على الاتباع، ادعموا تشكيل حكومة اختصاصيين، ولا تحاربوها، بل قدموا لها العون، لينتصر منطق الدولة على الدويلات، وليكن لنا لبنان واحد لا لبنانيين او اكثر .