تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- اكرم كمال سريوي
جاء اعلان القائم باعمال دولة الإمارات العربية في سوريا، خلال الاحتفال بالعيد الوطني للإمارات في دمشق، ليعلن بداية مرحلة جديدة، في العلاقات الدولية والعربية مع الملف السوري، والرئيس بشار الاسد تحديداً. وكان المستشار عبد الحكيم ابراهيم النعيمي قد قال، ان بلاده تسعى الى لم الشمل العربي، على قاعدة معتدلة، وتمنى ان يسود الامن والاستقرار في سوريا، "تحت القيادة الحكيمة لفخامة الدكتور الرئيس بشار الأسد" .
منذ بداية الأزمة السورية، دعمت الإمارات، المعارضة السورية المعتدلة، خاصة تيار سوريا الغد، الذي أعلنه احمد الجربا عام 2016 من القاهرة. وقدمت مساعدات عسكرية الى قوات النخبة التابعة له، في جنوب سوريا، وشاركت مع القوات الاميركية في محاربة المنظمات المتطرفة، في شرق وشمال سوريا. والأهم من ذلك كله ان موقفها من التدخل الروسي، كان مرناً، بعكس الموقف السعودي المتشدد.
تلعب الإمارات وبتوافق روسي اميركي فرنسي، دوراً مهماً في إنضاج التسويات العربية، من سوريا الى العراق، ولبنان، وصولاً الى ليبيا، التي تلاقت فيها مع الروس، على دعم خليفة حفتر، فيما تنشغل المملكة العربية السعودية، بترتيب الاوضاع في الخليج، وإنهاء أزمة اليمن، وفتح باب للحوار مع ايران .
بالرغم من الصراع العلني بين الولايات المتحدة وايران، لكنه يوجد اتصالات تهدئة، بالواسطة من بعض الدول، وقد أثمرت تراجعاً في حدة المواقف، وتسهيلاً لبعض الحلول، في عدة نقاط ساخنة. كما ان التفاهم الروسي الاميركي، انعكس إيجاباً ايضاً، خاصة على الوضع في سوريا، وسينسحب ذلك على لبنان.
يتلازم ذكر اسم الإمارات العربية في لبنان مع كلمة الخير، تقديراً لما قدمته من مساعدات الى لبنان، منذ مشروع الليطاني، الى اعادة إعمار القصر الجمهوري، وصولاً الى طائرات الغازيل للجيش اللبناني عام 2007، والمساهمة في اعادة الإعمار، خاصة بعد العدوان الأسرائيلي في تموز 2006. وكذلك التعهد الأخير بهبة 200 مليون دولار للجيش والقوى الأمنية اللبنانية في مؤتمر روما 2018، وهذا كله جعل الإمارات ترتبط بعلاقات مميزة مع شخصيات لبنانية عديدة، ويجعلها قادرة على التواصل مع جميع الأطراف، والمساهمة في حل الأزمة اللبنانية الحالية.
تربط رئيس حزب الحوار الوطني فؤاد مخزومي، علاقات طيبة مع الدول العربية، خاصة السعودية والإمارات، حيث يدير أعماله، في مركز دبي المالي العالمي. وهو الحائز على ماجيستر في الهندسة الكيميائية من جامعة ميشيغن في الولايات المتحدة الاميركية، والأهم من ذلك انه اصبح نائباً عن بيروت، بعد ان ترشح في مواجهة لوائح السلطة، وفاز بدعم شعبي ملحوظ .
بالرغم من تحديد نهار الأثنين موعداً للاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس جديد بتشكيل الحكومة، وبالرغم من إشاعة اجواء الاتفاق على اسم سمير الخطيب، تبقى حتى ذلك التاريخ كل الاحتمالات واردة، ويبقى فؤاد مخزومي من اكثر الشخصيات السنية، التي تنال رضى وتأييد الحراك الشعبي، كونه لم يرتبط اسمه بصفقات السلطة السابقة، وكذلك له علاقاته جيدة مع مختلف القوى السياسية اللبنانية. واذا أضيف رصيده الداخلي، الى علاقاته الدولية، يكون الشخصية الأبرز المؤهلة لرئاسة الحكومة المقبلة في لبنان، خاصة بعد قرار الرئيس الحريري بالخروج من الحكومة، بعدما وجد ان عراقيل التأليف أمامه كبيرة، مع اصرار التيار الوطني الحر وحزب الله على بعض الأسماء والحقائب، وتراجع الدعم العربي، خاصة السعودي لترؤسه للحكومة المقبلة .
تحتاج التسوية الى بعض الوقت كي تنضج، ولقد رأينا كيف تساقطت الاسماء المطروحة، ليبقى سعد الحريري هو المرشح الأبرز، باعتباره الممثل الرئيسي للطائفة السنية، ووحده مع دار الفتوى، يمكنهما منح الغطاء للرئيس المقبل. ولا شك ان اية حكومة قادمة، سوف تحتاج الى الدعم الدولي، والتركيز على عنوان وحيد، هو إنقاذ الوضع الأقتصادي، دون الدخول في المتاهة السياسية. وهذا ما برز في مواقف جميع الأحزاب اللبنانية الرئيسية، كنقطة جامعة وهدف أساسي .
وبعد ان بدأ يعترض الكثيرون على ترشيح سمير الخطيب، بسبب ارتباطه بالطبقة السياسية بالعديد من الصفقات، واعتبار حكومته استنساخ للسلطة القديم، بوجوه الصف الثاني من ممثلي الأحزاب، اضافة الى امتعاض القيادات السنية من طريقة تكليفه، ورفضهم ما حصل من دخول في تفاصيل تشكيل الحكومة، قبل تكليف رئيسها، واعتبارهم ان هذا يمس بصلاحيات رئيس الحكومة، ويُشكَل خرقاً للدستور، ويجعل الرئيس المكلف دمية في يد من قرر تكليفه. عاد وفُتح الباب من جديد امام مشاورات ومساعي، دخلت التوافقات الدولية على خطها، لترتفع حظوظ مخزومي كرئيس توافقي، قادر على إنهاء الأزمة الحكومية، وخوض مغامرة الإنقاذ، خاصة ان قرار الرئيس الحريري بالانسحاب، بات شبه نهائي، ما لم يحدث جديد في الساعات المقبلة.