تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
ما يمكن أن يقطع دابر الفتنة وتهدئة الأوضاع، وتاليا الحؤول دون انفلات الشارع أكثر، التوجه سريعا نحو تشكيل حكومة خارج منطق المحاصصة، دون أن يعني ذلك الاستجابة بالضرورة لمطالب المعتصمين، خصوصا وأن هذا المطلب يمثل خيارا رفعته سابقا قوى سياسية وروحية عدة ولم يكن لبنان يواجه ظروفا كالتي نشهدها اليوم، ومن بينها موقف واضح لغبطة أبينا الكارينال ما بشارة بطرس الراعي، فهل هذا ممكن؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال، لا بد أولا من تسجيل ملاحظة على هامش التطورات الأخيرة، فقد جاءت استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري لتؤكد أن إرادة الناس تظل أقوى من أية معادلة إقليمية أو دولية، رغم المحاولات الحثيثة لشيطنة الحراك الشعبي، خصوصا من قبل المتباكين اليوم على قطع الطرقات "انتصارا" لوجع الناس، وهم من شلوا البلد وقطّعوا أوصاله سنوات طويلة، فإذا بهم يتخفون وراء ممارسات ترقى إلى "البلطجة"، وإلا كيف نفسر الاستعداد لـ "غزوة الرينغ" بالعصي والحجارة وسائر الأسلحة البيضاء؟!
حتى الساعة من الصعب الإحاطة بالواقع السياسي فيما لم يمض على استقالة الرئيس الحريري أكثر من أربع وعشرين ساعة، لكن بالتأكيد سجل الحراك المدني الهدف الأول في مرمى السلطة، ونجح في تكريس معادلة لا يمكن قراءتها بغير حقيقة أن الحكومة تم إسقاطها في الشارع، خلافا لمحاذير نبه إليها كثيرون في معمعة الصراع منذ انطلاق الاحتجاجات والاعتصامات وامتدادها على مساحة لبنان، وانطلاقا من المحاذير عينها، من الصعب (على الأقل حتى هذي اللحظة) موافقة القوى عينها على تشكيل حكومة تكنوقراط أو من خارج منظومة أحزاب الطوائف، فيما مطالب الانتفاضة الشعبية واضحة بدورها، وقد أكدت أمس الاستمرار في التحرك حتى يتحقق مطلبها الأساس، أي حكومة وطنية انتقالية من أصحاب الكفاءة والاختصاص تكون مهمتها وضع خطة إنقاذ اقتصادية وتنظيم انتخابات خارج القيد الطائفي.
حتى الآن، لا شيء واضحا، فالاستقالة باتت في عهدة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وما عليه قانونا إلا قبولها، لكنه استمهل الإجراءات المرافقة، وتاليا إصدار المراسيم الى حين فتح الطرقات، وهذا ما ستفعله الانتفاضة، إذ أعلنت "هيئة تنسيق الثورة" أمس فتح كامل الطرقات كبادرة حسن نية وإحتفاءً بما تم انجازه حتى الآن، وتسهيلاً لتأمين الحاجات الحيوية والأساسية للمجتمع، مجددة مطالبتها بتشكيل "حكومة إنقاذ وطني قادرة على إخراج البلاد من أزمتها وتلبية المطالب التي قامت من أجلها الثوره".
ساعات قليلة حتى تتكشف وجهة الاتصالات ويتضح مسار الأحداث، لكن بالتأكيد وضعت التطورات الأخيرة لبنان أمام منعطفات خطيرة، ويبدو من الآن أن الجميع في مأزق، حراكا وسلطة سياسية!